الاثنين، سبتمبر 19، 2005

من زوايا التاريخ .. (2) العصور الوسطى

لم تترد كلمة " العصور الوسطى " فى أسماعنا إلا فى كتابات وعلى ألسنة العلمانيين حين يطالبون بالفصل بين الدين والدولة ، فتكون حجتهم التى يرون أنهم بها أفحموا الجميع هى " الرفض المطلق للعودة إلى العصور الوسطى " .

وقد يظن المتلقى قليل الخبرة فى اسلوبهم انهم يقصدون بالعصور الوسطى ، عصور التاريخ الإسلامى المنحدرة نحو الهبوط كأواخر العصر العباسى والعصر العثمانى وأواخر عصر المماليك ، وغيرها مما صدعوا رؤوسنا بما كان فيها من مفاسد ومساوئ ومهازل ، بل إنهم انسحبوا بتلك المفاسد على أزهى العصور ليلبسوا الرشيد ثوب الفساد بين الجوارى والخمور ، ثم إلى عصر بنى أمية حتى لفقوا للوليد بن يزيد بن سليمان القصة الشهيرة بأنه كان يفتح المصحف كل يوم ويسخر من آياته ، ويوم مقتله كانت الآية التى سخر منها ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، ولكن حقيقة القصة أنه لما سمع بالخروج عليه قال ( لئن ظفرت بهم لأقتلنهم قتل جبار عنيد ) ، وشتان بين القوم الذى يوضح السخرية من القرآن ، والقول الآخر الذى يوضح التأثر بالقرآن .
ثم انسحبوا بعصر الفساد على جميع العصور حتى وصلوا فى وقاحتهم إلى عصور الخلفاء الراشدين ، ثم إلى لحظة ما بعد وفاة النبى وأخذ البيعة لأبى بكر .

ولكن المفاجأة الكبرى هى أنهم يقولون فى وصف العصور الوسطى بانها " العصور التى أحرق فيها العلماء وأقيمت فيها محاكم التفتيش ونهبت المكتبات و......... " مما يجعلنا أمام حيرة كبرى ، فمالعلاقة التى كانت بين الشريعة الإسلامية وبين العصور الوسطى ؟؟؟؟

ويظل السؤال دائرا فى رحلة الفراغ بين منطلقات العلمانيين وخلفياتهم التاريخية ، وبين رؤاهم المستقبلية التى يرونها لأرض لم تشهد خلفياتهم التاريخية .


يروى الطبيب البريطانى " إدوارد ج. براون " فى كتابه ( الطب العربى ) ........

أن الحاكم الصليبى لقلعة منيطرة بلبنان - كانت خاضعة للصليبيين أيام الحروب الصليبية - أرسل إلى عم الفارس والأديب العربى الشهير " أسامة بن منقذ " يطلب طبيبا لعلاج بعض المرضى ، فأرسل له طبيبه النصرانى " ثابت " ، وبعد عشرة ايام عاد ثابت وروى لهم انه وجد رجلا مصابا بدمل فى رجله ، وامرأة مريضة بذات الرئة ( السل ) ، فشرع فى علاج الرجل باللبخات والمرأة بالغذاء والدواء ، وبدأت صحتيهما فى التحسن . وفجأة تدخل طبيب صليبى وأعلن أن علاج ثابت لاجدوى منه ، وسأل المريض : أيهما أحب إليك ، أن تموت برجلين أو تعيش برجل واحدة ؟ فأجابه الرجل مفضلا الأمر الثانى ، وعندئذ استدعى الطبيب فارسا صليبيا قويا وأمره بقطع ساق الرجل بضربة واحدة ببلطة القتال . لكن الفارس فشل فى الضربة الأولى وعندما أعادها انزلق النخاع من العظم ومات الرجل على الفور .

وبعد ذلك تحول الطبيب الشؤم إلى المرأة وقام بفحصها وأعلن أن شيطانا يتقمصها ، وأنه مستقر فى رأسها ، وأمر بحلق شعرها وأن تتغذى على الثوم والزيت ، ولما تدهورت حالتها ، أحدث برأسها شقين عميقين على هيئة صليب استبان منه العظم وحشا الجرح ملحا مما عجّل بوفاة المرأة بدورها ، وعندئذ استأذن الطبيب العربى ثابت وعاد إلى قومه وهو فى عجب من امر هذا السفاح الجاهل "

وكان بابوات روما يحرمون الجراحة بدعوى أنها تمثل عدوانا على الجسم البشرى الذى خلفه الله ، وكذلك يحرمون التشريح .

انتهى ..... المصدر : [ كتاب عباقرة علماء الحضارة العربية الإسلامية - محمد غريب جودة - ط مكتبة الأسرة 2004 ] .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق