الجمعة، يونيو 23، 2006

تعقيب على مقال دعاء سلطان بالدستور

السلام عليكم .


كالعادة .. أطالع مقالات صفحة الفن فى الدستور بشغف شديد مثل أخواتها من الصفحات التى تتألق فيها هذه الجريدة ، ومن الطبيعى أن أتفق وأختلف ثم أتفق جزئيا أو أختلف جزئيا .. لكن يظل كل هذا محاطا بكل أنواع الاحترام الكامل والتقدير العميق للغالبية الكاسحة من أقلام الجريدة .

أرجو أن تسمحى لى بتعقيب على مقالك بخصوص الحجاب وأخلاقياته وتأثيره على السينما ..

طرحت - أستاذة دعاء - فى مقالك هذه النقاط ، وأرجو أن أكون وفقت فى الفهم .

1- التمثيل بالسينما يتعارض مع الحجاب
2- حيث أن الجمهور يحاكم المحجبة بأخلاقيات الحجاب
3- تحكم المحجبات فى المنتج والمخرج رغم أنهن أضعف الحلقات الفكرية
4- ومع الحجاب ستضيع المصداقية فى السينما
5- لن يكون الحجاب عندنا مثلما هو فى السينما الإيرانية

بصراحة شديدة ، بداخلى كلام كثير ، واشعر أن الرسالة يمكن أن تطول .. رغم أنى - يشهد الله - أحرص على وقت غيرى جدا ، ولا أحب أن أشغله كثيرا لذا سأحاول الاختصار معتذرا مقدما إن طال الكلام .

بداية لا بد أن أؤكد أنى مهتم بالتعقيب على الأقلام المحترمة فقط ، رغم أن هذه الأقلام تثير النقاش البناء على عكس إهمالى التام لمقالات الصارخين رغم ما تفعله بأعصابى ودمى وحالتى النفسية .

1- قلت إنه لا يصلح التمثيل بالحجاب لعدة اسباب أهمها أن يضع الجمهور سلوك الممثلة تحت ميكروسكوب الأخلاق .

اسمحى لى يا أستاذة دعاء .. فهنا بدا لى خلط دقيق فى الأوراق أعتقد أنه غير مقصود .. تعرفين طبعا أن الجمهور المصرى مهتم بالدين ( بلاش متدين ) .. وإذا اتفقنا على هذا ، فمن الطبيعى أن هذا الجمهور الذى يتعرض لأفلام لا تظهر فيها إنسانة محجبة ( على عكس الواقع تماما ) أن ينتبه لهذا التغير الذى طهر على الشاشة ( الحجاب ) محاولا معرفة السبب .

فإذا كان الحال هكذا ، فوجدنا أن ظهور الحجاب فى السينما يعنى على طول الخط الإساءة له وللمحجبة ووضعه كعنوان على الفساد الداخلى أو النفاق الخارجى أو كوسيلة للقاء جنسى محرم ( منة شلبى فى ويجا ) أو على التخلف والتشدد والغباء فى التربية ( دلال عبد العزيز فى أسرار البنات ) أو وسيلة للنصب والسرقة ( أمثلة كثيرة ) … وغير هذا كثير مما يطيل حصره الكلام دون فائدة … إذا كان الحال هكذا فمن الطبيعى جدا جدا جدا أن نكره - باعتبارى واحدا من هؤلاء - ونندد بهذا التوظيف للحجاب الذى هو فرض فى ديننا الإسلامى الذى نعتز به .

ولا أكاد أرى استثناء لهذا إلا منى زكى فى سهر الليالى .. وهو الفيلم الرائع الوحيد فى آخر عشر سنوات على الأقل فى رأيى … لكن كل الظهور بالحجاب فى الأفلام الأخرى كانت تعنى قيمة سيئة يغطيها الحجاب .

لا أنكر أن فى المحجبات فاسدات .. لكن حين لا يظهر الحجاب فى السنما إلا ليصف هذا الصنف فقط .. فهذا لا يحدث ببراءة وبمحض الصدفة .. بل العكس هو الصحيح فى ضوء ما نسمعه ونراه من مواقف وآراء ( مش فن للفن يعنى ) لصناع هذه الأفلام مثل يوسف شاهين وخالد يوسف وغيرهما ..

لذا فأنا أرى أن وضع الجمهور لسلوك المحجبة تحت الميكروسكوب الأخلاقى هو نتيجة لعدم وجود حياد فى تقديم صورة المحجبة .. وأتوقع إلى درجة اليقين أن هذا سيختفى إذا عرضت السينما سلوك الناس بشكل طبيعى فعرضت المحجبة الملتزمة والمحجبة الفاسدة فى إطار درامى طبيعى دون الضغط على قيمة الحجاب المشوه .. فى هذه الحال سيتقبل الجمهور دور المحجبة الفاسدة لأنه يرى فى ذات اللحظة النموذج الآخر الملتزم فعلا .

** ملحوظة على الهامش : لم يكن دور دلال عبد العزيز دور موظفة عادية فى فيلم أسرار البنات بل كانت نموذجا للمحجبة المتشددة الغبية فى تربية البنت والتى تحيطها بآلاف القيود الغبية .. فى مقابل النموذج المنفتح الذى أراد الفيلم تسويقه متمثلا فى سوسن بدر الأخت .. هذه رؤيتى طبعا .


2- هل ستختفى المصداقية فى الفيلم بوجود الحجاب ؟

لو نظرنا - من منطلق فنى بحت - إلى السينما الإيرانية التى تلتزم بالحجاب وبعدم اللمس والقبلات والأحضان بين الرجل والمرأة .. أكرر وأؤكد ، من منطلق فنى بحت .. ألم تنجح هذه السينما فى تقديم فن تكتمل له الأركان الفنية وحصل على جوائز عالمية ( لم تحصل عليها السينما المصرية المنفتحة والتى تحافظ على المصداقية ولا تحكم على الفن بمعيار أخلاقى ) ؟؟ .. لقد نجحت فعلا .

هذا النجاح يؤكد - من منطلق فنى بحت - إمكانية وجود سينما تقدم فنا متكامل الأركان دون تعرى وأحضان وقبلات .. قلماذا ينجح هذا فى إيران بل ودوليا ، ولا ينجح فى مصر ؟؟؟
قد تقولين : إنه لايحقق المصداقية فكيف تنام ممثلة بالحجاب بدبابيسه فى غرفة نومها .. أو تمثل دورا لقصة حب ملتهبة دون أن تسمح بلمس يدها ؟

وردى أن هذا ممكن جدا والله بقليل من الحرفية والتفكير من صناع الفيلم .. وقد أبدع كثيرون فيما هو أصعب من هذا .. فى التمثيل الصامت مثلا الذى يلقى بنهر من الأفكار والمشاعر بدون أى ألفاظ .. أليس هذا أصعب ، بل ودعينى أقول إن هذا نجح فى مصر .. كيف ؟؟

تقريبا لا يوجد فيلم أجنبى إلا ويحتوى على لقطة جنسية .. وهى غالبا موظفة دراميا ، ولما كانت مثل هذه اللقطات لايمكن أن تعرض فى مصر فإن الفيلم يعرض محذوفا منه هذا المشهد ، ويفهمه الجميع ويتعامل معه الجميع دون تأثير يذكر لهذه اللقطة .. بل وتمكن صناع الأفلام المصرية من صناعة أفلام قوية جدا دون أن يلجأوا إلى مشاهد جنسية صريحة ..

هذا يعنى أنه ليس هناك ثوابت فى التعبير .. يمكن جدا أن نعبر عن قصة حب ملتهبة دون لمسة يد ودون أحضان ، ويمكن أن نعبر عن حياة فتاة كاملة دون أن نلجأ لتصويرها فى غرفة النوم فنقع فى إشكالية الحجاب والمصداقية .. كل ما فى الأمر هو قليل من التفكير .. كما تم الاحتيال على صناعة أفلام بدون لقطات جنسية - على خلاف الثوابت الغربية للفن - يمكن صناعة أفلام معبرة جدا وملتزمة جدا .

وقد يكون كلامى هذا نظريا بحتا لو لم يكن امامنا مثال حى وهو السيينما الإيرانية الملتزمة والناجحة فى نفس الوقت .

** ملحوظة على الهامش : وجود منتجين ومخرجين يفصلون الأدوار هذا ليس حكرا على المحجبات بل يفعله الجميع وبالتأكيد أنت أدرى منى بهذا ، وشرح طرفا منه الأستاذ الدسوقى رشدى أسفل مقالك مباشرة .. وعن نفسى لا أرى هذا عيبا إلا أن يكون العمل نفسه ذو قيمة ضعيفة .

** ملحوظة أخرى على الهامش : حذف منتج لمشهد القبلة لأنه حرام .. فهى بالقطع حرام ، وأرجو من كل قلبى ألا تكون هذه الإضافة ساخرة .. لأن القبلة حرام بإجماع المسلمين ولم يوجد عالم واحد أحل القبلة ” الفنية ” .. كون البعض غير مقتنع بهذا أو لا يرى هذا .. فهو حر .. لكن سيظل الحكم الشرعى هو الحكم الشرعى .

ثم إنه لا يجوز أن يصلى موزعوا ( ويجا ) استخارة على توزيع الفيلم .. لأنه لا تجوز الاستخارة على الحلال الواضح أو الحرام الواضح .. لا يجوز مثلا أن يستخير واحد هل يصوم رمضان أم لا لأن الصيام فرض .. أو يستخير هل يزنى أم لا .. لأن الزنا حرام واضح الحرمة … الاستخارة كما هو معروف تكون فى الأمور الدنيوية اليومية التى يستعين فيها أحدنا بعلم الله ليوفقه إلى القرار الصحيح .


3- وضع السينما الإيرانية .

أنا متفق معك فى كل ما قلتيه عن السينما الإيرانية من حيث أنها تحتال لتقدم قضايا شائكة وحرجة ، وأنها سينما قوية ، وأن الحجاب وعدم اللمس هى محاذير رقابية .. متفق معك فى كل هذا مع التأكيد على أنه ليس كل أفلام السينما الإيرانية - وأزعم أنى متابع لما يكتب عن أفلامها لعدم تمكنى من رؤية الأفلام ولعدم توافر ترجمة عن الفارسية أو الفرنسية بالنسبة لى - تهتم بقضايا الجنس والمرأة والدين والسياسة .. هناك قدر كبير جدا من أفلام تناقش القضايا المجتمعية .

لكننى لا أدرى ماقيمة هذه الفقرة فى هذا الموضوع .. فهذه الفقرة تؤيد وجهة نظر المحجبات فى إمكانية وجود سينما قوية شائكة جريئة ، وفى ذات الوقت ملتزمة ومنضبطة بمعايير رقابية … وهذا ما نريده جميعا ، نريد السينما التى تتحدث فى الدين والسياسة وكل القضايا الشائكة .. والحمد لله أن هذا ممكن فى وجود الحجاب بشرط وجود عباس كيروستامى - كما تقولين - .. أو مهرجوى وبيضائى ومخملباف وسميرة مخملباف

أى أن المشكلة ليست فى الحجاب ، وإنما فى كفاءة من يستطيع التحرك ليعبر عن أفكاره مهما كانت المعايير .


أدرك تماما أنى أطلت .. ويعلم الله أنى لم أقصد هذا .. وأعتذر مرة أخرى اعتذارا حارا على الإطالة وإضاعة الوقت .

شكرا جزيلا

7/6/2006

الاثنين، يونيو 19، 2006

كـدت أغـرق !!

فى أول مرة لنزولى البحر طوال حياتى المديدة ( 23 سنة ) كدت أغرق .. أو هذا ما ظننته غرقا ، لكن موجة أتت فنجحت فى ضرب اتزانى الذى اختل من فوره لأجدنى عاجزا عن السيطرة على نفسى ، ولا أكاد أحاول الوقوف حتى يرتفع وجهى عن سطح الماء ( حيث كنت على أطراف البحر طبعا ) حتى تأتى موجة أخرى فتضرب اتزانى من جديد ، فما أكاد آخذ نفسا حتى أعاود الوقوف إلا ويتدفق الماء إلى فمى بطعمه المالح فيزيدنى اضطرابا وحيرة واختناقا ، وهكذا .. تستمر الدائرة المفرغة تولد فى النفس رعبا من الغرق فوق ما تولده من اختناق متزايد .

ورغم كل ما أعرفه عن الغرق نظريا ، وعن كيفية حدوثه علميا .. وتخيلاتى التى حاولت أن أتخيل فيها أنى أغرق وبم سأشعر وقتها ، إلا أن الواقع شئ آخر تماما .. تماما كالفرق بين أن ترى فيلما مرعبا ، وبين أن تكون أنت فى قصة حقيقة مرعبة .

وحين خرجت من البحر بعد تمكنى من استعادة توازنى بمساعدات من أصدقائى ممن حولى ، داهمنى فى اللحظة شعور الغارقين فى عبارة الموت المعروفة باسم السلام 98 .

غير أن الفوارق الضخمة بين حالتى وحالتهم ، تجعل وصفى وشعورى نوعا من عبث الأطفال الذى يشاهده الكبار باستمتاع شديد ..

فقد كنت أداعب أمواج البحر وأنا القريب من الشاطئ إلى الحد الذى إن وقفت فيه فلن يبلغ الماء رأسى أبدا ، وقد كان الوقت هو شمس ما بعد العصر الدافئة اللذيذة ، وكانت الأيام أيام الصيف فيما بعد منتصف شهر يونيو من العام ، وكان حولى جمع غفير من الناس لم أكن أعدم فيهم من يساعد وينتشل ولن أعدم فيهم من سيتسخرج الجثة إن كنت قد غرقت ..

لكنهم ...

داهمهم الغرق فى لحظات ، فانقلبت بهم العبارة فى صقيع الشتاء البارد فى أول فبراير من العام .. فى ظلمة الليل الوحشية من بعد العاشرة مساءا .. فى عمق البحر الذى يمتد أمام أبصارهم بلا نهاية ، فلا يرون شاطئا بل ولا حتى يرون الأمل فى شاطئ .. وهكذا غرقوا .. بل لا بد أن نتذكر أنهم بقوا فى هذا الرعب الهائل والمشهد المفترس مدة 26 ساعة كاملة .

هنا يعجز حتى الخيال عن تصور كيف كانت أحاسيسهم ومشاعرهم وقلقهم فى تلك اللحظات .. بل فى تلك الساعات ، وكيف لم يفكر إنسان فى التحرك إلا بعد 18 ساعة كاملة لإنقاذ هؤلاء الغرقى ، فإن كنت قد استشعرت رعب لحظات لا تتعدى عشر ثوان على أقصى تقدير .. فيا إلهى .. كيف عاشوا تلك المأساة كل هذه الساعات ؟

ترى ، إن أتى هؤلاء الغرقى يريدون القصاص من هؤلاء المجرمين أمام الله تبارك وتعالى ، كم من الحسنات يمكن أن تكون تعويضا لهم عن كل لحظة من تلك اللحظات ؟؟ أو كم من سيئة سيطرحها كل منهم من سيئاته لتضاف على سيئات من أجرموا مقابل كل لحظة من تلك اللحظات ؟؟

وكيف يمكن أن ينام واحد ممن أجرموا قرير العين بعد هذه الجريمة ؟؟ ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ؟ ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟؟ ) .

إذا كان سيدنا عمر - رضى الله عنه - والذى نكتشف كل يوم عظمته وسموقه مع كل حاكم يتوالى على هذه الأمة .. إذا كان يخاف من السؤال عن دابة تعثرت فى الطريق عند أطراف ملكه فى العراق ، وتمنى أن يخرج من الحكم كفافا لا له ولا عليه وهو الذى فتح الأرض وغسلها بالإسلام .. فكيف يكون حال هؤلاء عند الله وعند الناس ؟؟؟


16/6/2006

الثلاثاء، يونيو 13، 2006

للأسف .. قد تسقط حماس



أوجه السطور القادمة إلى كل الأحرار والمدافعين عن حقوق الإنسان وعن حق الشعوب فى اختيار حكامها .. فى كل العالم .
وهو موجه خصوصا إلى عالمنا الإسلامى الذى يلتزم بهذه القيم والمبادئ انطلاقا من كونها فرائض مفروضة عليه فى الإسلام .
ثم هو بوجه أخص إلى عالمنا العربى الذى يحمل فوق كل ماسبق أثقال الذل والهوان وسيطرة الطغاة والظالمين .. ولا يتمتع بشئ من خيراته التى تذهب - بفعل حكامه - إلى جيوب أعدائه ، بل ولم يتركوا له حتى كرامته وحريته وحقه فى الحياة الكريمة .
ثم هو موجه إلى مصر .. قلب العالم العربى والإسلامى النابض بالحياة ، والتى كانت بالأمس كنانة الله منها تنطلق السهام لتدافع عن كل الأمة ، وعليها تتكسر الأمواج التى هددت الأرض الإسلامية ، وهى التى تزخر الآن بأمواج التحرر وصيحات النهضة .

قد تسقط حماس .. نعم ، ورغم كل ما تمثله هذه الكلمة من رعب لى ومن صدمة .. بل ومن حسرة إذ أكتبها ، إلا أنه لا يصح أن نبقى فى الخيال دائما ، فكل نهضة أو ثورة لم تتوفر لها العوامل الطبيعية التى تمكنها من الاستمرار فقد تسقط مهما كان نبل مقصدها وطهارة أبنائها والقائمين عليها .

تعالوا نتخيل مالذى يمكن أن يحدث لو سقطت حكومة حماس :

أخطر ما يمكن أن ينشأ عن سقوط حكومة حماس هو ذلك التيار الرهيب وتلك الأمواج العظيمة من اليأس والتى ستجتاح قلوب الناس جميعا فى كل العالم ، وتلك العقيدة التى ستنشأ وتنغرس فى القلوب معلنة أنه لا وقوف أمام أمريكا وأمام إسرائيل ولو كانت إرادة الشعوب ، ولو توفر لهذه الإرادة كل العزم والتصميم والصمود مثل الذى بذله الشعب الفلسطينى وهو كثير وطويل ومرير .

ستنتشى أمريكا أو إسرائيل ( هما تقريبا كيان واحد على المستوى السياسى ) معلنة بملء فيها : أنا ربكم الأعلى ، وما علمت لكم من إله غيرى .. وأنا القابض والباسط والمعز والمذل ، وما من أحد يستطيع الوقوف أمامها فى تلك الحالة .

انهيار حكومة حماس التى ترفع لواء المقاومة معناه انهيار أول سد يقف أمام الإعصار الصهيونى ، وسقوط أول خط دفاع للأمة العربية ، وستتعرى فى لحظة واحدة لبنان وسوريا والأردن ومصر والسعودية ، ومن ورائهما باقى العالم العربى ، وستبدأ الوجوه والرؤوس تلتف حول المارد الصاعد الذى يسمى إيران الذى أصبح الطريق أمامه مفتوحا تماما ، ويبدأ من جديد حلم اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل والذى كان قد مات واقعيا عند أول لحظة فى بناء الجدار العازل .

انهيار حماس يعنى هزيمة نفسية هائلة لكل العالم العربى والإسلامى ، بل ولكل الأحرار ولكل المدافعين عن الديمقراطية فى كل أنحاء العالم ، وهى هزيمة نحتاج إلى مائة عام على الأقل حتى ينشأ الجيل الذى لم يستشعرها ولم تحطمه ، ويعنى فى نفس اللحظة أن القوة هى التى تفرض ما تريد دون أن يستطيع أى شئ - مهما حاول الصمود والمقاومة - أن يحقق أمامها أى إنجاز .

انهيار حماس - يا كل أحرار مصر - يعنى ضربة قاتلة للإصلاح فى مصر ، فاليأس الذى سيسحق النفوس فى مصر كفيل بأن يقضى بداخلها على أى بذرة أمل فى التغيير إلا ذلك التغيير الذى تريده أمريكا ، فقد صارت لا راد لقضائها .. وانتهاء الأمل من النفوس يعنى انتهاء رغبة الناس فى التغيير وتجذر حالة الخنوع والسلبية واللامبالاة والاستسلام للضعف وللحاكم .

انهيار حماس يعنى ضياع فلسطين .. ثالث أقدس البقاع فى الوجدان الإسلامى ، وانهيار مروع مثل هذا يعنى فقدان الثقة فى كل شئ ، ومراجعة كل الثوابت والمبادئ ، ويعنى انتفاخا وعجرفة لدى أمريكا وإسرائيل لا ندرى مالذى يمكن أن نقدمه من تنازلات حتى نحوز ذلك الرضا ، وسيصبح حينها هذا الرضا الطريق الوحيد .

قد يقول أحد : إننى مبالغ فى السوداوية ، وأن هذه نظرة تشاؤمية ، لكنى - والله - لا أتوقع أن شيئا أقل من هذا يمكن أن يحدث لو انهارت حكومة حماس .. ولذلك يعمل الجميع على إسقاطها من هؤلاء المهددة عروشهم مثل حكامنا العرب وعلى رأسهم مبارك الذى يدرك ان صعود حماس هو انتصار للديمقراطية وللتغيير وللإصلاح قبل أن يكون انتصارا للإسلاميين ، وان نجاح حركة حماس سيصبح تماما مثل نجاح إيران نموذجا ترنو إليه العيون والقلوب .

بالأمس فقط كانت مباراة إيران والمكسيك فى بطولة كأس العالم ، وكانت المقاهى تعلن أن المصريين يساندون إيران ويشجعونها بقلوبهم وأرواحهم ، وهى الدولة التى لم يعرفها الناس إلا بصمودها وتحديها لأمريكا .

نجاح إيران ونجاح حماس هو نجاح للإصلاح وللديمقراطية ولتيار التغيير ، وفشلهما يعنى ضربة قاتلة لكل أمنيات الأحرار فى كل العالم ، وإذا كان من المستبعد الآن سقوط إيران ، فإنى أحمل كل الرعب من إمكانية سقوط حماس .. رغم يقينى الكامل فى كفاءة وطهارة وصلابة وصمود حماس وفصائل المقاومة والشعب الفلسطينى .

وتاريخنا يحمل الكثير من هذه النماذج ، نماذج سقوط الثورات النبيلة .. ولعل أشهرها فشل ثورة الحسين رضى الله عنه على يزيد بن معاوية ، ولنتخيل مالذى كان يمكن أن يحدث لو حكم الحسين وصار خليفة وامتد عهد الراشدين سنوات أخرى ، كان وجه تاريخنا كله سيتغير لاشك ، وكذلك حركة عبد الله بن الزبير فى عهد عبد الملك بن مروان والتى انتهت بقتله وصلبه ، وتقريبا كل ثورات العالم العربى فى العصر الحديث ضد الاستعمار والتى قادها الوطنيون وانتهت إما بالفشل أمثال ثورات عرابى وعمر المختار ، أو نجحت وقطف ثمارها عملاء الغرب فأعادونا مرة أخرى إلى احتلال عميل غير مكشوف .

وكل هذا الفشل إما لأنه لم تتوفر لهذه الحركات العوامل الطبيعية للنصرة وللصمود وللاستمرار ، وحكم فيها ميزان القوة ، وإما لضعف أو سذاجة من بعض ممن قاموا عليها .. والنتيجة : تأخر حركة النهضة وثمار الإصلاح فى دولنا المنكوبة .

يا كل الأحرار فى كل العالم ، يا كل أبناء العالم الإسلامى ، ياكل العرب ، يا كل أهل مصر ، يا رواد حركة الإصلاح فى مصر بالذات ، يا حركات التغيير ، يا كل من يحمل مبدأ الحرية .. أناديكم : ادعموا حكومة حماس ، لا تتركوها تسقط .. فوالله إن سقوطها كارثة علينا أكبر وأبشع مما هى عليهم .

وللأسف لا أعرف إلا طريقين لدعم حكومة حماس .. الأول عن طريق نقابة الأطباء المصرية التى توصل الأموال فى شكل معونات ومساعدات ، والثانى عن طريق جماعة الإخوان المسلمين ولا أدرى فى أى صورة تصل الأموال ، وإن كان يغلب على ظنى أنها تصل كأموال مثلما يتضح فى بعض التصريحات وتأكد فى واقعة إلقاء القبض على سامى أبو زهرى أواخر مايو الماضى وكان يحمل مبلغ 600 ألف يورو نقدا .

اللهم انصر عبادك المجاهدين فى سبيل الحق فى كل مكان .


12/6/2006

الاثنين، يونيو 12، 2006

هى الحكومة دى " عبيطة " ؟


كنت أتخيل أن السيد أحمد نظيف هو الوحيد من بين وزرائه من يتمتع بقلب طيب و لسان منفلت .." اللى فى قلبه على لسانه " ، ومالبثت هذه الفكرة أن اختفت لأعرف أن كل وزارة السيد نظيف من هذا النوع الطيب القلب الصريح اللسان ..

فلو تركنا - إلى حين - تصريحات نظيف والخاصة بنضوج الشعب المصرى ومدى تحمله للديمقرايطة .. سنجد لدينا جملة من التصريحات منها مثلا :

1- تصريحه فى حوار مع موقع النيوزويك منذ ثلاثة شهور بأنه لو لم يتم تزوير فلن يحصل الإخوان إلا على أربعين مقعدا إضافيا فقط .

والعبط فى هذا التصريح من ناحيتين .. الأول : الاعتراف الصريح بالتزوير المدعوم من الدولة وهو مالا يمكن أن يقع فيه أى مسؤول صغير فى أى بلد يجيد أبجديات الحوار والخروج من الأسئلة المحرجة ، والثانى : أنه اعتبر 40 مقعدا إضافيا شيئا تافها وبسيطا ، وأن زيادة الكتلة المعارضة ( الإخوانية فقط وليس كل الكتلة لأنه هنا كان يتحدث عن التزوير الذى جرى ضد الإخوان فقط وليس عن التزوير ضد كل المعارضة ) من 88 مقعدا إلى 128 مقعدا ليس بالشئ الذى يستحق .

2- تصريحه فى منتدى دافوس بأن الحكومة تبحث عن طريقة واضحة لمنع الإسلاميين من الوصول للبرلمان وتشكيل تنظيم سرى ( !! ) .

وإذا تجاوزنا الكوميديا التى تقول بتنظيم سرى فى البرلمان ، فسنجد العبط فى هذا التصريح فى إطلاقه فى هذا التوقيت وبينه وبين الانتخابات القادمة 4 سنوات كاملة ، خصوصا بعد تصريح مبارك بأنه لا حل لمجلس الشعب .. فهل يوجد عاقل ( فضلا عن كونه رئيس وزراء دولة بحجم مصر ) يصرح بخطته قبل أربعة سنوات ؟؟!!!!

3- تصريحه فى منتدى دافوس بـ : الإصلاح لن يتحقق فى شهر أو شهرين .. لسنا فى عجلة من أمرنا .. لدينا متسع من الوقت .

وإذا تجاوزنا أيضا الكوميديا فى أن مسيرة الإصلاح مستمرة ، فسنجد العبط فى الإعلان عن عدم الاهتمام بحدوث الإصلاح ، وأن الوقت طويل ومتسع ، ولا أدرى - فى حدود علمى - قائدا فى التاريخ بشر أهله ببعد الطريق وبعد النتيجة .. ولن يسعى إليها بهمة وعزم ، بل أعلن أن الوقت ما زال متسعا .. ولسنا فى عجلة من أمرنا ( والإصلاح جه أهو جه ، مجاش أدينا مستنيين ) .

4- تصريحه لقناة العربية بأن مصر دولة علمانية .

ورغم أن الواقع يقول إن مصر علمانية ، بل وأشد من علمانية .. حتى أنها تضطهد الإسلاميين ولا تسمح حتى لمذيعة محجبة من الظهور فى التليفزيون الرسمى .. إلا أن السيد نظيف يعرف ماذا تعنى كلمة علمانية حين تطلق على دولة مثل مصر بلد الأزهر وقلعة الثقافة الإسلامية وعلى أسماع الناس الذين ولدوا وعاشوا وهم يرونها ويعرفونها إسلامية لا علمانية .


فإذا تركنا السيد نظيف لنستعرض بعضا من تصريحات وزرائه سنجد :

1- وزير التعليم العالى الدكتور هانى هلال والذى أصبح معروفا بوزير تقشير البصل حيث كان رده على أستاذة جامعية طالبت بتعديل بعض الأوضاع بأن الأفضل لها أن تجلس فى بيتها وتقشر البصل .

2- وزير التعليم العالى أيضا صرح منذ شهر ونصف تقريبا بأنه من الخطر إجراء انتخابات لتعيين عمداء الكليات ورؤساء الجامعات ، لأن هذا سيؤدى إلى بروز وانتشار الفكر المتطرف .. لا أدرى أهو يهاجم الانتخابات أم يهاجم الفكر المتطرف ( من وجهة نظره والتى لا تلزمنا ) أم يجعل نفسه وصيا على الجامعة واختيارات استاذتها .. أيا ما كان ، فهل هذا تصريح ينطلق من مسؤول خصوصا وأنه لا توجد فى الأفق أى بوادر لجعل تعيين العمداء ورؤساء الجامعات بالانتخاب .. ( يعنى جر شكل !! ) .

3- وزير التعليم الأساسى هذه المرة يصرح للأهرام 2 يونيو الماضى ردا على فضيحة إعادة تعيين المسؤولين عن كنترول الشقق المفروشة فى هذا العام بقوله : إن مسئوليتهم لم تكن أكثر من مسئولية تضامنية .. أى أنهم لم يفعلوا أكثر من سكوتهم ( طبعا سكوتهم هذا لم يكن بدون مقابل ) .. ولأجل هذا فإنهم لم يخطئوا ... ربما نحتاج لإعادة تعريف معنى الخطأ الذى نعرفه منذ بدء الخليقة ليتوافق مع مفهوم الخطأ لدى السيد الوزير .

4- هذه لقطة التقطتها الكاتب الفذ إبراهيم عيسى عن تصريح السيد رشيد وزير الصناعة بإنشاء 1700 مصنع خلال 18 شهر ( يعنى أكثر من ثلاثة مصانع فى اليوم الواحد !! ) وهذه المصانع سوف توفر 33 ألف فرصة عمل ( أى أن المصنع سيعمل به 19 فرد !! ) .


إذن ظاهرة " العبط " ليست قاصرة على السيد نظيف فقط ، بل هى طاعون انتشر فى أرجاء الوزارة كلها ، وكل ما سبق إنما جاء عفو الخاطر لا بطريق الرصد والبحث .. ولا أدرى إن كنا سلكنا طريق الرصد والبحث كيف ستكون حجم الظاهرة ، أشعر وأظن - وبعض الظن إثم - أن من اختار هذه الوزارة كان عجوزا أصابه التخريف .


11/11/2006

أخيرا إفراج .. كانت فترة عصيبة حقا .. جـ3


*** حماس تدفع الرواتب

ولله الحمد والفضل والنعمة ، تمكنت الحكومة فى فلسطين من دفع الرواتب المتأخرة للموظفين فى المؤسسات الفلسطينية .. اسأل الله أن يدوم النصر فى ركاب أحرار فلسطين .
لكن لعله درس للمنهزمين والمنبطحين والساجدين تحت أقدام أمريكا واسرائيل ليعلموا أن الأمور تجرى بمشيئة الله لا بمشية أمريكا واسرائيل وحلفهما والذين تخيل كثيرون منا للأسف أنهم آلهة لا راد لحكمهم ولا معقب لأمرهم .
ودفع الرواتب ليس إلا البداية إن شاء الله تعالى .


*** خروج الدفعة الأولى من المعتقلين ..

وهنا أبارك بوجه خاص للأخ مالك مصطفى ، وبوجه عام لكن من خرج ، وأدعو بالصبر والثبات لكن من بقى خلف الأسوار .

المعاناة التى حكاها مالك ومحمد عادل ومحمد الشرقاوى وعلاء سيف فى مدوناتهم وعبر رسائلهم من داخل السجون ، تجعلنى أتوقف بشكل خاص عند طرف من الموضوع لا أظن كثيرين سينظرون إليه ، عودتنى متابعة الأخبار أن ألتفت إلى الجانب المظلم من الصورة والذى لا يعالجه أحد ، وغالبا ما ينساه الناس .. والجانب المظلم فى قصة المعتقلين هو المعتقلون الإسلاميون من الجماعات الإسلامية المختلفة .

لقد حظى خبر اعتقال المدونين ونشطاء كفاية بمساحة واسعة من الإعلام المستقل حتى إن محمد الشرقاوى وكريم الشاعر خرج لأجلهما المتحدث باسم البيت الأبيض منددا بما حدث لهما .. على حين أن هذه المعاملة وأسوأ منها بمراحل يتعرض لها الإسلاميون منذ أكثر من خمسين سنة ، ولا تحظى بمثل هذا الاهتمام .. بل إن القبض على 700 ناشط فى مظاهرات 18 مايو منهم 600 من الإخوان المسلمين ، كانت تغطيته الخبرية تركز على ناشطى كفاية أكثر من التركيز على معتقلى الإخوان المسلمين .

كتب علاء من المعتقل عن الشعارات التى كانت تملأ زنزانته وقد كانت كلها إسلامية ، حتى إن كمال خليل أخبره بأنها المرة الأول التى يجد فيها شعارات غير إسلامية على جدران الزنزانة .. وحكى مالك فى دخوله إلى مبنى أمن الدولة عن الأربعة الذين رآهم فى حالة إعياء ينامون على الأرض وهو نفس المكان الذى يتبولون فيه وعرف أنهم إسلاميون من قراءة أحدهم للقرآن .

أريد أن أقول : إن ثمن الحرية الذى دفعه هذا الشعب كان النصيب الأعظم فيه للإسلاميين .. لكن من سيدرى بهذا ؟ أو من سينتبه له ؟
كانت جريدة آفاق عربية الإخوانية هى الوحيدة التى يملأ عناوينها ( إلغاء الطوارئ والإفراج عن المعتقلين ) حتى مللت منها ومل منه أناس من الإخوان أنفسهم ، وطالب كثيرون على ملتقى الإخوان المسلمين بأن تنتبه لقضايا الغلاء والأسعار والبطالة حتى تحوز جماهيرية مثل صحف الأسبوع وصوت الأمة مثلا .

والآن تبدو جريدة الدستور فى المقدمة ( مع كل الاحترام لكل عامل فيها ) وهى التى تحظى بالجماهيرية لأنها تنادى بإلغاء الطوارئ والإفراج عن المعتقلين .. ولن يتذكر أحد أن آفاق عربية الإخوانية هى التى كانت تقول هذا فى وقت لم تكن فيه بوادر إصلاح ولا كفاية ولا دستور ولا انتخابات ولا تعديل دستور ولا أى شئ مطلقا .. لكن من سيدرى بهذا ؟ أو من سينتبه له ؟؟

من الآن يتذكر أن قوات الأمن اقتحمت ( أكرر اقتحمت ) مسجد ( أكرر : مسجد ) الفتح لتعتقل من داخله عددا من الإخوان قدروا بـ 300 ؟ ( هل كانت تجرؤ أن تفعل هذا مع الكاتدرائية يا من تقولون باضطهاد الأقباط فى مصر ؟ ) ، إننا نتذكر - وهذا واجبنا طبعا - علاء سيف وكريم الشاعر ومحمد الشرقاوى ورشا وندا وأسماء وفادى اسكندر وأحمد الدروبى .. لكن من يتذكر هؤلاء ؟؟؟ ومن ينتبه لهم ؟؟؟


*** استشهاد الزرقاوى :

نعم .. استشهاد ، والزرقاوى بطل مجاهد كان يقاوم الاحتلال الأمريكى ويضرب القوات الأمريكية .. مشكلته أن كل الأخبار الواردة عنه تقريبا من أفواه أعدائه ، وما تسرب لنا من بيانات تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين يؤكد أنهم براء مما يلصق بهم .

1- قتل المدنيين عشوائيا ليس له أى مبرر ولا أى فائدة تعود على المقاومة فى العراق ، ولم يحدث أن تبنى تنظيم القاعدة فى العراق أيا منها .
2- أعلن الزرقاوى فى بيان أنه لا يستهدف الشيعة إلا لو كانوا أعضاء فى الحكومة العميلة للاحتلال ، وهذا واضح بمعنى أنه لا يستهدف الشيعة كشيعة وإنما يستهدف العملاء كعملاء سواء كانوا سنة أم شيعة أم غيرهم .
3- فى رسالة أيمن الظواهرى إلى الزرقاوى منذ حوالى سبعة شهور والتى بثتها أول ما بثتها cnn كان من كلام الظواهرى توصية الزرقاوى بالتعاون مع الشيعة ضد العدو المشترك ( أمريكا ) .. بما يؤكد يقينا أن العمليات التى تنفجر فيها مساجد وحسينيات ومراقد ليس للقاعدة فيها يد ، فضلا عن عمليات التفجير العشوائى والتى لا تقتل إلا مدنيين .. فمن له مصلحة فيها ؟

صار الزرقاوى علما على الإرهاب ، فى القاموس الأمريكى .. وهذا القاموس الأمريكى لا يعنينا فى قليل ولا كثير ، فالإسلام نفسه عند أمريكا صار عنوانا على الإرهاب .

ومع اختلافى مع فكر القاعدة تماما ، إلا أنه حين تواجه القاعدة أمريكا فهى حركة مجاهدة ورموزها أبطال جهاد من أول أسامة بن لادن مرورا بالظواهرى والزرقاوى وانتهاءا بأقل عضو فيها .. ومهما كانت خلافاتنا فى التصورات والرؤى ، ففى موقف الجهاد لا يسعنا إلا مساندتهم وتأييدهم .

رحم الله الزرقاوى .


*** استشهاد جمال أبو سمهدانة :

لم يمض يوم على استشهاد الزرقاوى حتى قصفت الطائرات الإسرائيلية موقعا للجبهة الشعبية استشهد فيه جمال أبو سمهدانة قائد الجبهة الشعبية والذى عينه سعيد صيام وزير الداخلية مراقبا عاما لوزراة الداخلية على رأس قوة تجمع عددا من الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة لأن سعيد صيام يعانى من عدم قدرته على السيطرة على أفراد الأجهزة الأمنية الذين يتبعون على الحقيقة شخصيات وجهات أخرى ، فكانوا لا ينفذون توجيهات الوزير بل إن منهم من قام بحوادث سرقة وبلطجة وقطع طريق على الفلسطينيين .

ثارت ثائرة الرئيس (!!) عباس ومن حوله من الزمرة الفاسدة التى أضاعت فلسطين ، وألغى القرار أولا .. ثم أعلن أنه سينظم قوة تتبع الرئاسة ، وشكل قوة تتبعه وجرت بينها وبين قوات الفصائل بعض المناوشات ، ثم أعلن أنه يعتزم زيادتها إلى عشرة آلاف فرد ، ولم تبخل عليه صديقته اسرائيل فأعلنت أنها ستمول القوة التى تتبع الرئاسة الفلسطينية .. وبهذا أعلنت اسرائيل أن عباس ومن حوله ليسوا إلا عملاء لها أو على أحسن تقدير يعملون لمصلحتها .

ثم استهدفت اسرائيل جمال أبو سمهدانة واستشهد رحمة الله عليه .. ثم بدأت اسرائيل فى ارتكاب مذابح أخرى .

هل يمكن أن نسمع مرة أخرى عن وساطة مصرية لدى الفصائل الفلسطينية من أجل إعلان هدنة أو تهدئة ؟؟ إن انتهاك اسرائيل لهذه الهدنة هى صفعة تنزل بالمقام الأول على وجه الدبلوماسية المصرية التى لم تجرؤ حتى على إصدار بيان ينفى ويندد ، ويحاول أن يحفظ القدر الأدنى من قيمته .. ولا يمكن أن يستنكر أحد بعد الآن أن تضع الفصائل الفلسطينية بل ولا أى أحد فى العالم حذاءه فى وجه الدبلوماسية المصرية العاجزة التى لا تملك أى أدوات ضغط أو أى صلاحيات لتنفيذ تعهداتها ، ولن يكونوا فى هذا ( منكرى جميل مصر ) ولا ( لا يقدرون تضحيات مصر ) ولا ..... إلخ هذه المصطلحات التى تشيع فى الصحافة الحكومية حين تضغط على الفصائل المجاهدة .


*** مقتل الجنود على الحدود :

لم تشأ إسرائيل أن تكون غامضة فى صفعاتها للسياسة المصرية من خلال انتهاك التهدئة مع الفصائل والتى سعت فيها مصر بكل ما تملك من قوة ، ولا من خلال استمرار اغتيال المجاهدين فى فلسطين .. بل أرادت أن تصفعها بوضوح وبصوت مجلجل صارخ حين قتلت جنديين على الحدود ، قبيل زيارة أولمرت ( الذى تمت دعوته أكثر من مرة لزيارة مصر وكان هو الذى يعتذر ويقول سندرج الزيارة فى جدول المواعيد .. مش فاضى يعنى ) ، وسكت الجميع بما فيهم حامى الحمى والقائد الأعلى للقوات المسلحة ، وبما فيهم وزير الخارجية الذى قال إنه لن يسمح بمثل هذه الحوادث مرة أخرى ( يبدو أنه تراجع عن رأيه وسيسمح ) .. ومر الموضوع فى بساطة وكأن الجنديين كانا من دولة أخرى وليسوا من مصر .

بل والغريب المثير للدهشة أن بيان وزارة الداخلية قال إنهما قتلا داخل الحدود المصرية ، وتم سحب الجثتين إلى داخل الحدود الإسرائيلية !!! .. ومع ذلك لم يتكلم أحد ولا نطق أحد ، ويبدو أن الحدود المصرية صارت خطوط على الخرائط فقط ، وليس لها أثر على الواقع .


11/6/2006

أخيرا إفراج .. كانت فترة عصيبة حقا .. جـ2


** أيمن نور .

حكمت محكمة النقض برئاسة صلاح البرجى ( عضو مجلس القضاء الأعلى المعين ) و المنتدب لهذه القضية من قبل فتحى خليفة ( رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى ) يوم 18 مايو بتثبيت الحكم على أيمن نور بالسجن 5 سنوات ، رغم أن تقرير النيابة كان يؤيد إعادة المحاكمة ..

ماذا يمكن أن يقال ؟؟

كثيرا ما يكون الوضوح معجزا عن التعبير ، فليس يصح فى الأذهان شئ إذا احتاج النهار إلى دليل .. لقد كان خصم أيمن نور هو مبارك ، وكان الحكم هو صلاح البرجى الذى عينه مبارك مكلفا من قبل فتحى خليفة الذى أشعل أزمة القضاة والذى عينه مبارك أيضا .. هل كان يمكن أن يكون الحكم عادلا ؟؟

أتذكر بيت العلامة القرضاوى يقول عن محكمة الشعب عام 54 :

الخصم فيها مدع ومحقق *** وهو الذى يقضى بلا قانون

كان أبلغ وأقوى وأروع مقال قرأته عن هذا الحكم هو مقال إبراهيم عيسى فى صوت الأمة بعنوان ( العرش والسجن ) وخلاصته أن التاريخ كثيرا ما جعل السجن بداية للعرش ، أو بداية للزعامة ( حركة حماس ، أنور السادات ، سيدنا يوسف الصديق ، مهدى عاكف أو مصطفى أمين فى الصحافة وأحمد فؤاد نجم فى الشعر ..... ) وكثيرا ما ينزل من يحكم إلى السجن ( صدام حسين مثلا ) .. وتوقع أن هذا الحكم قد يكون بداية طريق الصعود السياسى لأيمن نور .

فى حين جاءت مقالات مصطفى بكرى ومحمود بكرى باهتة باردة خافتة مليئة بالتحسس والتوارى واللهجة الشفوقة العطوفة الدامعة .. رغم ما كان يربطهما بأيمن نور من علاقة ...

هذه هى إحدى القضايا أيضا التى تم فيها فرز الصف المعارض .


** أزمة نقابة المهندسين :

نقابتى التى يبدو أنها ان ترى النور قريبا ولن تتحرر من سجن الحراسة إلا ببعض الدماء .. كانت الجمعية العمومية يوم 26 ما يو والتى تصدى لها الأمن الحبيب العادل أفضل تصد ، ولم تعقد .. مما آلمنى أن الخبر لم يحظ ولا بعشر التغطية التى حظيت بها مظاهرات اليوم السابق مباشرة 25 مايو ، رغم اقتراب الزمان ( فارق يوم واحد ) واقتراب المكان ( شارع رمسيس ) ... لماذا ؟؟ الله أعلم .


** زلزال إندونيسيا :

كان الله فى عون إندونيسيا على ما ابتلاها به ، وآخرها هذا الزلزال الذى كانت حصيلة قتلاه فى اليوم الأول ومع التابع الثالث 4 آلاف قتيل ، والحق أن أندونيسيا بهذا الزلزال ستعانى أضعاف ما عانته خصوصا وزلزال تسونامى لم تبرد آثاره .. ستعانى خصوصا من حيث انهمار كتائب التنصير التى ترفع لواء الإغاثة الإنسانية فى نفس الوقت الذى حوصرت فيه المنظمات الإغاثية الإسلامية وأغلق كثير منها بحجة مكافحة الإرهاب .. ولهذا يترك الشعب الإندونيسى ، خصوصا أطفاله وليمة ولا أروع لكتائب التنصير التى تحمل الشعار الإنسانى ، لتضاف إلى كتائب التنصير المسلحة التى غزت أندونيسيا وارتكبت فيها مجازر تاريخية منذ بدايات القرن الماضى ، وحققت نتائج خطيرة مدعومة باستراليا وأمريكا كان أبرزها طبعا انفصال تيمور الشرقية .

حينما وقع خبر زلزال إندونيسيا ، شعرت باليتم .. فمازلنا نجاهد لنجمع أى أموال فى إطار حملة المليار لفك الحصار من أجل فلسطين الحبيبة وابناؤها الأحرار الأطهار .. شعرت باليتم الذى يحمله طفل صغير أصبح بعد موت أبيه يرعى إخوته ، فبينما هو يسعى كالمجنون بين المستشفيات ليعالج أخاه ، إذ بالأخ الثانى يسقط مريضا ويحتاج للعلاج .. فنظر للسماء كأنه يستدعى منها والده .

تنوعت علينا الجراح ، وتكاثرت وتهاطلت كأنها قطرات مطر ، أو قطرات نار ، ما إن تسعى فى إخماد أحدها حتى تجد التى اشتعلت فى ناحية أخرى .. صرنا كالمجانين نهرول بين المصائب لاندرى أيها نتجنب فصرنا كما قال الشاعر :

ولو كان هما واحدا لاحتملته *** ولكنه هم وثان وثالث .

أعادك الله أيتها الخلافة الإسلامية .. قد كنت للمسلمين أبا يرعاهم ويدفع عنهم مخالب الذئاب .



** حملة المليار لفك الحصار :

وهى الحملة المباركة التى انطلقت بمبادرة من فقيه العصر العظيم د. يوسف القرضاوى أطال الله فى عمره ونفع المسلمين بعلمه ، ثم تبنت هذه الدعوة نقابة الأطباء المصرية ..
هذه الحملة تعيد الأمل إلى القلوب ، فرغم أنى لم أشارك فيها لظروف الامتحانات إلا أنى كنت دائم التتبع لأخبارها ، من خلال الصحف أو الانترنت .. ولربما يحتاج سرد قصصها والتأمل فيها إلى مقال كامل طويل إلا أن بعض الإشارات هنا تفى بالغرض .

1- رجل أعمال سعودى تبرع وحده بأربعة ملايين دولار .
2- طفلة مصرية صغيرة تبرعت بخاتمها الذهبى الذى كسبته كجائزة لحفظها القرآن
3- طفلة أخرى صغيرة خلعت قرطها الذهبى لتتبرع به
4- تبرعات غير معدودة بالأموال والحلى الذهبية .
5- تبرعات بسيارات .
6- صرح مسئول لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء بأنهم فى إطار القوافل الطبية التى جالت أراضى غزة وقع كشفا على فتاة ( 13 عاما ) فوجد هزالا يكشف عن سوء تغذية حاد فسألها : هل أفطرت اليوم ، فقالت : لم يكن دورى اليوم ... أى أن الفلسطينيين يأكلون الوجبات بجدول يقسم الأيام بينهم .
7- رجال أعمال فلسطينيون يتبرعون برواتب الموظفين فى مدنهم .
8- من كلام مسئول لجنة الإغاثة أنه عرض على وزير فلسطينى إرسال شحنة ( فراخ مجمدة ) إلى فلسطين فقال له الوزير : لقد نسينا طعم اللحوم منذ زمن ، نحن لا نحتاج إلا الأشياء الأساسية كالدقيق والزيت والسكر والسمن .. ويفضل أن يكون الدقيق قمحا لأنه يمكن لنا فى فلسطين طحنه .
9- محافظة المنوفية فى مصر ، وهى من المحافظات التى يتدنى بها مستوى الدخل وأغلب سكانها من الفلاحين البسطاء ، تجمع فى ليلة واحدة نصف مليون جنيه مصرى .
10- أصحاب متاجر فى فلسطين يفتحون متاجرهم لمن أراد الأكل دون أخذ الثمن .

رغم كل شئ .. رغم كل شئ .. هذه الأمة لن تموت .


** حجاب حنان ترك :

فى تلك الأيام أكرم الله حنان ترك بارتداء الحجاب .. وانطلقت كلاب العلمانيين تنهش فى حنان ترك لأنها اختارت التخلف والرجعية وانتمت لتنظيم الوهابيات ، واستمر النباح ينهمر من بعض الأقلام الفاسدة أمثال طارق الشناوى وخالد منتصر ويوسف شاهين وخالد يوسف وأسامة أنور عكاشة ، وبالقدر الذى احترقت فيه أعصابى بكلماتهم الحقيرة والتى لم يكن لها هدف إلا هدم قيمة الحجاب الذى هو فرض فى الإسلام بقدر ما سعدت لما أراه من هذه الحرقة والحسرة والغيط الذى يسيل من كتاباتهم ، ورفع بعضهم شعار فليجلسوا فى بيوتهم ، ورفع الآخرون شعار إنهم لن يهزموا الفن المصرى ( أصل الفن المصرى خاربها انتصارات وجوايز ) ..
بل جزم خالد منتصر أنها مؤامرة على الفن المصرى الرائد ( فكرتنى بريادة صفوت الشريف يا راجل ) من شيوخ الخليج الذين يحاولون شراء الحضارة التى تنبع من مصر ليكملوا بها تقدمهم النفطى حيث إنهم يشعرون بالنقص الثقافى والحضارى أمام مصر .. وتفنيد هذه الجملة مضيعة للوقت حيث أنها واضحة التفاهة والبله .

وفى هذا المقام لابد من تحية خاصة للأستاذ محمد الدسوقى رشدى الذى كتب مقالا من أروع ما قرأته فى عدد الدستور الأخير .

لكنك لا تدرى لماذا يثير الحجاب كل هذا الفزع فى هذه النفوس ؟؟ إنه شئ يثير الذهول فعلا ، لماذا إذا كانوا يرون أن حنان ترك لن تهزم الفن المصرى الذى سيزدهر بقوة فى غيابها ( إبراهيم داوود - الدستور ) .. لماذا ينزعجون كل هذا الانزعاج ؟؟

وجدت الإجابة فى سطر كتبه طارق الشناوى فى صوت الأمة فى مقال عن سهير زكى التى عادت بمسلسل تمثله بالحجاب قال فيه : ما زالت سهير زكى تملك وجها جميلا ، لكننا لم نكن نستمتع بوجه سهير زكى ، لقد كانت إمكانياتها الفنية تتمثل فى أنوثتها المتوقدة .... إلخ ، إذن المسألة لم تكن موهبة ولا فنا ولا قصة ولا دراما ، لقد كانت ( أنوثة متوقدة ) فإذا لم يعد يرى تلك الأنوثة المتوقدة فقد فقدت سهير زكى جاذبيتها ... ارحمنا يارب .


*** سيــادة النائب العام :

النائب العام قام بتحويل ممدوح إسماعيل لمحكمة جنح البحر الأحمر بتهمة القتل الخطأ حيث أن أجهزة الأمان فى العبارة كانت على ما يرام ، لكن المشكلة أن ممدوح إسماعيل تأخر فى إبلاغ جهات الإنقاذ بغرق العبارة وهو ما أدى إلى غرق الركاب .. ياسلام .. الراجل مش أكتر منه انه اتأخر بس وعلشان تأخره ده الركاب غرقوا ، فهو بكده ارتكب القتل الخطأ لأنه ياروحى كان فاكر انه لما يتأخر شوية ولا شويتين الركاب مش هيموتوا ولا يغرقوا .. هيكملوها عوم ، لكن .. معلش تقديره كان خاطئ ، وثقته فى قدرة الركاب على إكمالها بالعوم لم تكن فى محلها .. وعلشان كده الراجل من غير ما يقصد تسبب فى غرق الركاب .

أظن مش محتاجة تعليق دى !!

الغريب أن اليوم السابق شهد صدور تقرير المدعى العام الاشتراكى الذى أوضح أن أجهزة الأمان فى العبارة لم تكن تعمل .. هذا غير التقرير الصادر منذ شهرين من لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب والذى أوضح الحالة المتهالكة للسفينة .. ونعم الرجل الصادق سيادة النائب العام !!

وفى ذات يوم تحويل ممدوح إسماعيل ( اللى لسه فى لندن ) إلى جنح البحر الأحمر تم تحويل وائل الإيراشى وعبد الحكيم الشامى وهدى أبو بكر إلى محكمة الجنايات لنشرهما ( جريدتى صوت الأمة وآفاق عربية ) القائمة السوداء للقضاة الذين أعلنوا النتائج المزورة لدوائر الانتخابات ... ونعم الرجل العادل النائب العام !!!


*** هند الحناوى وأحمد الفيشاوى .

صدر الحكم النهائى فى قضية الطفلة لينا بثبوت نسبها لأحمد الفيشاوى .. لم أفرح ولم أحزن لهذا الحكم ، والله أعلم أين الحقيقة .. لكن ما أخشاه أن تتحول هند الحناوى إلى قدورة ، ويتحول والديها إلى رواد ورموز

أخيرا إفراج .. كانت فترة عصيبة حقا .. جـ1


11/6/2006 ..

تاريخ تاريخى بلاشك ، حيث انتهت فيه تلك الفترة العصيبة التى كانت تعرف باسم الامتحانات ، تزداد وطأتها حين تكون امتحانات السنة النهائية لكلية مثل الهندسة ..
وهى الامتحانات التى كانت - فضلا عن كل عوامل خصوصيتها الطبيعية لأى طالب على وشك التخرج - تحمل نوعا آخر من الخصوصية بالنسبة لى .. إذ هى المرة الأولى منذ عرفت الانترنت استطعت الانقطاع عنه حتى فى أيام الامتحانات .. ولا أدرى كيف استطعت هذا فعلا .. لكنه فضل الله الذى جرى على يد أخى الغالى الأستاذ مصطفى صبح .

ولله فى كل حركة وسكنة حكمة ، لا يعلمها البشر فى حينها وقد لا يعلمونها مطلقا ، أو قد يعلمون منها جوانب وتخفى عليهم أخرى .. فلقد كان من فضل الله على أن أنقطع عن الانترنت بما فيه من تدوين وممارسة المنتديات فى تلك الفترة التى بدأت فى يوم الأحد السابع من مايو ، لتنتهى اليوم .. وما بين السابع من مايو ، والحادى عشر من يونيو من الأحداث ما لو كنت مستمرا فى التدوين والمنتديات لكان الرسوب نصيبى لاريب .. تكاد تلك الفترة التى لم تتجاوز شهرا وأربعة أيام تحديدا وكأنها استوعبت أحداث أعوام بالنسبة لحال مصر ومنطقتنا العربية الذى يغلب عليه الخمول تلقائيا .

كانت الأحداث تعذبنى وتدفعنى لأن أكتب وأتعاطف وأندد وأهاجم .. لكن كان صوت العقل يتغلب - وهذا شئ نادر - فيمنعنى من الكتابة .. يساعده فى هذا أن الأحداث تتلاحق وتتراكم حتى صرت كالذى تكاثرت عليه الظباء فلا يدرى أيها يصيد .. ثم توصلنا - أنا وعقلى - إلى حل وسط .. وهو أن أسجل عناوين لملاحظاتى خلال هذه الفترة ، ثم أكتبها بعد انتهاء الامتحانات ولو على شكل تعليقات صغيرة قصيرة .

** اعتقال علاء :

فى ذات اليوم الذى وضعت فيه آخر موضوع ( كم من جرائم تحملها يا مبارك ؟ ) معلنا بهذا بدأ فترة الانقطاع ، تم اعتقال الأب الروحى للمدونين ( وهو لقب يستحقه بلاشك ) علاء سيف الإسلام حمد ، صاحب أشهر مدونة مصرية وربما عربية .. واعتقل معه لأول مرة ثلاث من الفتيات ( ندى القصاص ، أسماء على ، رشا عزب ) ، ولعل الكلام فى هذا الموضوع لن يضيف شيئا مطلقا ، فمساحات التغطية والتعاطف والتنديد لما حدث تغنينى عن الإضافة ، فما بالك لو لم أكن أملك المزيد ؟؟

** اشتعال وسكون أزمة القضاة :

وهى الأزمة التى كان أفضل ما فعلته برأيى هى إعادة فرز المجتمع ، وبالذات إعادة فرز المعارضة ، ومن يتمسحون بثوب المعارضة .. بغير الانتقاص طبعا من كل فوائد هذه الأزمة ، لكن إعادة فرز المجتمع ، وتيار المعارضة بشكل خاص هو أكثر ما كنا نحتاج إليه ..
فى هذه الأزمة عرفنا بلا ريب أن أحزاب المعارضة هى شئ لا وجود له مطلقا .. رغم أنها تستمد شرعيتها ورسميتها من أختام النسر ، فى حين كانت المعارضة الحقيقة هى التى لا تستطيع الحصول على هذا الختم النسرى السحرى الرسمى .. المدونون والإخوان المسلمون وأطياف مستقلة من أحرار هذا الوطن .. والمدونون كالإخوان كالمستقلون شئ لا يستطيع أن يثبت شرعيته فى أوراق الدولة رغم أنه يملأ الشارع .
الأحزاب التى صمتت كالأموات تماما ، كأنها تتابع حدثا فى المريخ مثلا .. بل وصل الأمر إلى أن يصرح ضياء الدين داوود أن هذه الأزمة هى أزمة داخلية بين القضاة لا يجوز التدخل فيها ( أظننى سمعت هذا الكلام من مبارك .. أليس كذلك ؟؟ ) ، واختفى حزب التجمع ورئيسه الصارخ الزاعق مزور التاريخ والواقع المنتفض إذا كان يواجه الإخوان المسلمين ، الهادئ الوديع المبتسم حريرى الملمس إذا كان يواجه الحكومة وحزبها الوطنى ، وذاب مثله حزب الوفد .. مثلما واصلت باقى الأحزاب موتها العميق .

كذلك اتضح الفارق بين الإعلام الرسمى الذى يكذب كما يتنفس ، بل يتنفس كذبا حقيرا وضيعا لا يليق إلا بصناعه من المنافقين والساجدين .. وبين الإعلام المستقل الذى يحاول أن يرفع سقف حريته ، لقد قرأت فى المساء فى يوم التاسع عشر من مايو أنه ألقى القبض على إخوانى فى مظاهرات دار القضاء العالى وكان يلف حول نفسه حزاما خشبيا به صواريخ الأطفال والبمب (!!) .. ولا يسألنى أحد ماذا كان سيفعل بصواريخ الأطفال فى مواجهة الأمن الرسمى والأمن الذى يتنكر فى زى بلطجية .

واصل مصطفى بكرى انهياره كالعادة ، وأصبحت مقالاته مثيرة للقرف ( بل إنه كتب مقالا بعنوان : العودة إلى الثوابت قال فيه بوضوح إن على المعارضة أن تتجنب الهجوم على بعض المؤسسات والهيئات وقال منها منصب الرئيس ووزارة الداخلية والقوات المسلحة ) .. فى حين تألقت كتيبة الدستور والمصرى اليوم .

ثم سكنت أزمة القضاة بعد الحكم بالبراءة لمكى واللوم للبسطويسى ، لكنها تنذر باشتعال آخر بعد الموقف الأخير لوزارة العدل مع نادى القضاة فيما يختص بقانون السلطة القضائية .

** قاذورات الأردن :

والحديث عن قاذورات الأردن حديث طويل سينتهى بنا إلى الشريف حسين صاحب أكبر خيانة فى التاريخ الحديث الذى استعملته بريطانيا ولورنس ( العرب ) لضرب الخلافة الإسلامية العثمانية .. وانتهاء بالملك حسن الذى كان يتقاضى مرتبا من المخابرات الأمريكية ( أثبت ذلك بوب وود وورد فى كتابه " المخبوء " عام 89 ) ، الذى أنجب لنا ( الملك ) عبد الله الذى لا يحسن الحديث بلغة العرب .

لقد اكتشفت الأردن فجأة أن حماس تخطط وتسعى لضرب منشآت أردنية ، وهو الشئ الذى لايمكن أن يصدقه أدنى متابع .. فالمعروف أن حماس حريصة ألا تنقل المعركة خارج فلسطين ، وعلى هذا يدل تاريخها حتى الآن ، ثم إنه حتى الأردن لم تتهم حماس بذلك فيما قبل ، فمالذى حدث حتى تتجنب حماس هذا وهى حركة معارضة ليس لها صديق ، وتفعله حين تصبح فى الحكومة التى تسعى لكسب المحايد وتحييد العدو ؟؟؟

على العموم ليس من داع فى أن نفند موقف الأردن فهو موقف واضح الكذب ، واضح وفاضح الخيانة .. خصوصا حينما أظهرت ثلاثة أشخاص على اعتبار أنهم من حماس وتكلموا باعترافات بلهاء ثم اتضح أنهم فاسدون فاشلون مدمنون للمخدرات بشهادة جيرانهم .. وحين حاولوا أن يتذاكوا بان خبلهم .. فلقد قالوا إن الأسلحة المضبوطة مع المتهمين كانت قادمة من إيران .

أشعر أن الأردن هى إحدى الولايات الأمريكية فمالمبرر لأن تعادى حماس وإيران هكذا بالجملة وفى مرة واحدة ؟؟ .. ولم نستغرب ألم تصبح بلادنا العربية فعلا ولايات أمريكية مع تفاوت فى الأهمية والوضوح ؟

قال الزهار ردا على هذا الموقف الأدرنى كلاما بسيطا : " كان يمكنهم أن يعلموننا سرا بما حدث ، ويضعوننا فى الموقف .. أو ينتظرون إلى حين زيارتى ( التى كانت بعد ساعات ) ليضعوننى أمام مسؤلياتى .. أو يسألوننا لماذا وكيف حدث هذا " .. لكن الزهار يفترض - لعوامل الدبلوماسية - أنه لا يعامل نفرا من الخونة .


** خيانات السلطة الفلسطينية :

وهو موضوع كبير جدا جدا يحتاج إلى دراسات فعلا .. لكن ما أثاره فى هذه الأيام هو القبض على سامى أبو زهرى بتهمة تهريب 600 ألف دولار إلى داخل الحدود الفلسطينية ، وتكليف الرئيس ( ياله من لقب بلا قيمة ) أبو مازن النائب العام بالتحقيق فى هذا التهريب .. وخرج الكلاب يصرخون أنه لابد من إدخال أموال التبرعات بطرق شرعية ( أى تحت عين إسرائيل وأمريكا وبموافقتهما ) وأن هذه الأموال كانت ستذهب إلى جيوب أعضاء فى حماس وليس للشعب الفلسطينى ( ألم يكن من السهل أن يتم تحويل الأموال إلى الحسابات الشخصية لقادة حماس فى الخارج .. إن كانت ستذهب إليهم أو إن كان لهم حسابات شخصية فى الخارج كالكلاب والخونة أمثال عباس ودحلان والرجوب وعبد ربه والطيب عبد الرحيم .. وسائر الشلة التى تبدو وكأنها لاتعيش فى فلسطين ) .. أى شياطين هؤلاء الذين يستمتعون بموت أناس من شعبهم ، فلا يتحركون لمعونته ولا يريدون أن يتحرك أحد لمعونته ؟؟ .. ما هذه الطبيعة التى تسمو عليها طبائع الذئاب والكلاب والخنازير ..

ما أجمل قول الشافعى :
وليس الذئي يأكل لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضا عيانا .

ثم خروج الرئيس ( !! ) ليعلن عن إجراء استفتاء حول وثيقة الأسرى التى تعترف بإسرائيل وبقرارات الشرعية الدولية ( !! ) وبالاتفاقيات السابقة ( التى صارت فى حكم الميت ) وبتشكيل حكومة وحدة وطنية ( أى إنهاء حكومة حماس الحالية ) .. رغم أن الدستور الفلسطينى لا ينص على مواد أصلا تنظم عملية الاستفتاء ، ثم يتذكرون الآن استفتاء الشعب الفلسطينى ، وهم لم يفكروا فيه حين وقعوا أوسلو ومدريد وكامب ديفيد وواى بلانتيشن وخريطة الطريق .. أليست هذه الحوادث كفيلة بأن نحترق من الذهول والغيظ والغضب ؟؟ .. تبدو هذه الخيانات وكأنها غير مسبوقة ولا ملحوقة فى تاريخ أمة من الأمم ، أدرى بها ابتعادها عن منهج الله أن يتحكم فيها شرار الناس .. والحق أنهم لم يتذكروا الشعب بقدر ما يحاولون هدم الاستفتاء الحقيقى الذى صوت فيه الشعب لصالح المقاومة ولصالح حماس .

ومنذ أيام ظهر شريط صوتى لذلك الكائن القذر الذى يحمل اسم دحلان ، يظهر فيه إلى أى حد يبلغ انحطاط الخائن وسفالته ، والشريط نشر على موقع فلسطين الحرة .. استمع له هنـــا