الجمعة، مايو 27، 2016

فصل السياسي عن الدعوي استسلام للعلمانية

لا ريب أن العبارات المراوغة لا تمثل حلاًّ بل هي جزء من المشكلة، ولا ريب كذلك أنه لا يمكن فصل قول القائل عن فكره ونهجه وعن سياق القول وظرفه وما يُراد به في الواقع! وراشد الغنوشي اليوم ليس مجرد مفكر أعجبه رأي فبحثه ثم تبناه بل هو زعيم حزب مشتبك في المشهد التونسي، بل هو الطرف المُصَوَّبة إليه السهام فيه، فكيف إذن ينبغي أن ننظر إلى فكرته في فصل الدعوي عن السياسي؟!

في هذا الموضوع لا بد من تثبيت بعض الأمور أولا:

1. أصل الخلاف بين الإسلام وبين العلمانية (ونموذجها التطبيقي: الدولة الحديثة) هو كون الإسلام نظاما متكاملا وليس مجرد دين بالمعنى الذي يفهمه الغربي، هو على نحو ما يقول المستشرق البريطاني المعروف هاملتون جب: "الإسلام ليس مجرد نظام من العقائد والعبادات، إنه أعظم من ذلك كثيرا، هو مدنية كاملة، ولو بحثنا عن لفظ مقابل له لقلنا: العالم المسيحي ولم نقل المسيحية، ولقلنا الصين بدل أن نقول ديانة كونفوشيوس"[1]، لذلك فإنه ينازع العلمانية مفهوم السيادة والمرجعية، بكل ما يتبع هذا من آثار علمية وعملية.

وحيث كنا في زمن استضعاف للأمة الإسلامية وهيمنة للنموذج العلماني، فإن فريقا من المنتسبين إلى الفكر الإسلامي أرادوا حل هذه الإشكالية بحشر الإسلام في مقياس ونظام الدولة الحديثة، وكان من أكثرهم تسارعا في هذا راشد الغنوشي الذي صدرت كتاباته تُلِحُّ على هذا المعنى، واستعان في هذا بكل ما وجده من آراء فقهية شاذة أو استعمال متكلف للأصول ثم استعمال متوسع بلا ضابط للمقاصد، ولما جاء إلى الحكم على ظهر ثورة شعبية، بدأ انحدار آخر متسارع في التنازلات فصار يلتمس لها أحكام الإكراه والاضطرار ولافتة المصالح والمفاسد، ثم لم يسعفه كل هذا فصدرت عنه الكثير من الآراء التي هي علمانية بامتياز ولم يتكلف أن يبحث لها عن "تبرير" شرعي!

لعل الكثيرين لا يعرفون أن الغنوشي بدأ حياته "جهاديا" بالتصنيف المتداول، وقد ذكره مؤرخ الجهاديين أبو مصعب السوري في كتابه "دعوة المقاومة الإسلامية العالمية"[2] ضمن التجارب الجهادية في القرن الماضي، ولا يزال الانترنت يحتفظ بتصريحاته القديمة، ورسالته التي يدين فيها ما فعله محفوظ نحناح في الجزائر من انحياز للعسكر ضد ديمقراطية جاءت بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، ثم صار يوصف بعدئذ بأنه "ديمقراطي بين الإسلاميين" كما هو عنوان كتاب لعزام التميمي عنه (صدر 2001م)، ثم طلَّق الديمقراطية بعد الثورة بحثا عن "التوافق" (والتوافق في حقيقته استبداد وديكتاتورية ونقيض للديمقراطية وتحكم للأقلية التي تملك المال والإعلام في رأي الأغلبية)، ولا يزال يتخلى عن مكتسبات الثورة.

الخلاصة: أن رجلا كهذا حين يتحدث عن "فكرة"، فضلا عن أن تكون فكرة فاصلة في مسيرة الحركة الإسلامية، فلا ينبغي أن تناقش كفكرة مجردة، بل كتبرير سياسي، لرجل تدل مسيرته على تنازلات مستمرة! وكم كان طريفا تعليق عزام التميمي نفسه على هذه الفكرة بقوله: "تتغير القيادة إذا أخفقت في تحقيق البرامج التي وعدت بها أما أن تبقى القيادات وتتغير البرامج والتوجهات وحتى الانتماءات، فهذا "إبداع" غير مسبوق"!

2. وحيث نحن نعيش في زمن استضعاف الأمة الإسلامية والهيمنة الغربية فلقد كان من آثار هذه الهيمنة الثقافية أن مطالب المراجعات لا تُوجَّه لغير الإسلاميين، فلكم صدرت بحوث وعقدت مؤتمرات ورُصِدت ساعات بث ودوريات تطالب الإسلاميين بمراجعة أفكارهم وتصوراتهم وصلاحيتها للحياة (كم مرة سمعت ألفاظ: الإسلاميون والديمقراطية؟!)، حتى أنه لو بُعث في دنيانا من لا يعرفها سيتخيل أن البلاد حكمها إسلاميون ففشلوا ثم حكمها علمانيون فنجحوا! فلذلك انشغلت الحالة الثقافية ببحث الفشل الإسلامي! ومما يزيد العجب أن الذين يسيطرون على هذه الحالة هم علمانيون في الجملة، ولا يكاد يوجد اختبار حرية أو ديمقراطية في بلد أحد منهم إلا وكان واقفا إلى جوار المستبد يفصل له النظريات والتبريرات!

لماذا لم يُطالب العلمانيون –وقد امتد حكمهم في أقل الأحوال لستين سنة، وبلغوا في أحيان أخرى قرنين من الزمان- بمراجعات تصوراتهم وأفكارهم التي أدت إلى هذا الفشل الذريع حتى صارت الأمة في أبأس حالاتها قاطبة عبر كل تاريخها؟!

يمكن قول الكثير في هذا الباب لكن المقام لا يتسع، لكن الذي يهمنا هنا هو أن الغنوشي نفسه والذي يمثل حالة واسعة من "التجاوب" مع مطلب المراجعات ووصل إلى حالة بعيدة في إثبات إمكانية خضوع الإسلام للديمقراطية والدولة الحديثة، نقول: هذا الشخص نفسه لم يلتفت إليه أحد بجدية لا من الغرب ولا في تونس، وظل في مكانه منفيا لا يستطيع العودة إلى بلده ولا يبلغ أكثر من كتابة المزيد من "المراجعات"، فلا مراجعاته غيرت وضعه السياسي ولا من طالبوه بها تقدموا خطوة تجاهه ردا على خطواته تجاههم!

لم يتغير وضع الغنوشي في عالم السياسة إلا عبر ثورة شعبية لا يجرؤ أحد أن يقول إنها متأثرة بأفكاره أو منطلقة منها، وهذا في حد ذاته درس لمن يتصور أن مزيدا من "المرونة الفكرية" قد يوصل إلى شيء في عالم السياسة.

3. أول ما يُقال في تسويق فكرة "فصل الدعوي عن السياسي" أن شمولية الإسلام لا تعني شمولية الجماعة، وأن التخصص مطلوب، وأن شيخ المسجد لا يجيد بالضرورة مهارة السياسي، وأن السياسي يتحرك دائما في إطار المباح الاجتهادي لا في أبواب الحرام والحلال فليس يشترط فيه أن يكون فقيها... إلخ!

لا بأس، سنعتبر جدلا أن هذا كله حق، لكن السؤال البديهي سيكون: من الذي ألزمكم من قبل بكل هذا؟ هل ألزم أحد حركة النهضة أن يمثلها في الوزارة أو المفاوضة شيخ مسجد؟ هل ألزمها أحد أن تعمل في البر والخير إلى جوار عمل السياسة؟ هل تعرض مرشحوهم لاختبارات فقهية قبل تقدمهم إلى الانتخابات؟!

إنه لم يكن في تاريخ الحركة الإسلامية من قال بهذا أبدا، والحركة التي أرادت أن تمثل الإسلام بشموله أرادت أن تفعل ذلك لأنها تصورت قدرتها على هذا لا لأن شمولية الإسلام تلزمها بالشمولية في كل شيء، وظلت الجماعات الإسلامية تعمل في جوانب دون غيرها ولم ينزع عنها أحد صفة الإسلامية لكونها لم تنشط في كل شيء، ولم يعاتب شيخ أنه قال: لا أفهم في هذا الجانب السياسي، كما لم يعاتب سياسي لأنه لا يعلم حكم الشرع في أمر لا يعرض له في عمله!

كل هذه من المناكفات والمراوغات والخداع، فمنذ كان الإسلام كانت تعاليمه قوية واضحة بضرورة تولية الأكفاء، وحفظ التاريخ عن المغيرة بن شعبة نصحه لعمر بن الخطاب "أما القوي فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه، وأما الضعيف فتقواه لنفسه وضعفه على المسلمين"، وعلى هذا جرى فقه تولية الولايات والوظائف في سائر المدونة الفقهية الإسلامية[3]، ولا ريب أن من يحسن الدعوة ليس بالضرورة يُحسن السياسة ولا العكس[4].

فلئن كانت بعض الجماعات صدَّرت غير المتأهل في مجال لا يحسنه فهذا خطأ في ميزان الإسلام، وفي ميزان أدبيات الحركة الإسلامية نفسها، ولا يحتاج تصحيح هذا الخطأ إلى "تجديد" أو "مرونة" فكرية جديدة، بل يحتاج إلى تطبيق الأصول نفسها، وتوظيف المواهب في بابها، والعمل بالصدق والإخلاص والتجرد وترك حظ الدنيا والنفس والشللية والمحسوبيات.

لهذا كله نقول: إن نداء فصل الدعوي عن الحزبي أو الديني عن السياسي ليس مراجعة فكرية ولا هو تصحيح مسار بل هو في هذه الظروف التي أحاطت به مجرد خطوة أخرى من خطوات الاستسلام للعلمانية، والقبول بالثوابت والمسلمات التي تفرضها الدولة القطرية الحديثة، ولهذا فإن أسوأ ما في الأمر أن يُسَوَّق باعتباره تجديدا فكريا أو حلا لمشكلة الحركات الإسلامية.





[1] هاملتون جب، وجهة العالم الإسلامي، ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريدة، بدون بيانات، ص9.
[2] أبو مصعب السوري، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، نسخة إلكترونية ص474، 475، 756 وما بعدها.
[3] انظر مقالات "فقه اختيار الرجال للأعمال": الجزء الأول، الثاني، الثالث، الرابع.

الخميس، مايو 26، 2016

عشرة أمور تدفعنا وتدعمنا في دراسة الغرب

نحتاج قبل أن نبدأ في تأسيس علم الاستغراب (الذي يعني: دراسة الغرب وحضارته) أن ننظر في مواردنا وما نملكه من قدرة، وحينئذ سنجد أنفسنا نتمتع بنقاط قوة، كما سنجد أنفسنا إزاء فُرَصٍ سانحة يمكن استثمارها، والفارق بين نقط القوة وبين الفرصة أن الأولى هي ما نملكه والثانية هي ما لا نملكه لكن القدر ساقه إلينا.

1. نقاط القوة

أول نقاط القوة هي ما لدينا من نصوص الوحي، والتي تمثل الحقيقة المطلقة في وصف الإنسان ودوافعه وطموحاته وطرق ضلاله وطريق هدايته، فالتفقه في هذه النصوص يكوِّن حاسة البصيرة في أحوال الإنسان والأمم والحضارات وسنن قيامها وسقوطها وعوامل قوتها وانهيارها. ومن طبيعة نصوص الوحي أنها لا تتكشف إلا بالتعمق فيها وفي موضوعها، فلا يغني النظر فيها وحدها شيئا، كذلك لا يغني النظر في الواقع وحده شيئا، بل لا بد من اكتشاف الواقع بنور الوحي، وفهم الوحي عبر معالجة الواقع، وأوضح مثال على هذا هو قضية الإعجاز العلمي في القرآن، إذ لا يُعرف وجه الإعجاز في الآية إلا من خلال ممارسة العلم.

وثاني نقاط القوة هي ما لدينا من تراث تاريخي زاخر أخذ الغرب منه نصيبا لا بأس به، وهو يشمل أقوال الصحابة والتابعين وكل المجهودات المبذولة علميا والتي تناولت الغرب بوجه من الوجوه، فإن فيها نظرات وآراء عميقة وسديدة، كتفسير عمرو بن العاص رضي الله عنه لقول النبي r: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس" بأن ذلك لأن "فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة وجميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك"[1]، كما أن المجهود العلمي الطويل هو مجهود لا يمكن تجاوزه، بل إن بعض الأمور ليس للعالم فيها مصدر غير ما كتبه المسلمون، ولا شك أن حسن النظر وطول التأمل والتعمق قد يفضي إلى نتائج قيمة في تحليل كثير من الظواهر والمسائل ويحل كثيرا من الإشكاليات.

وثالث نقاط القوة التي نملكها هي العدد الكبير من المسلمين في الغرب[2]، خصوصا من وُلِدوا ونشأوا في الغرب، بالإضافة إلى من أسلم من الغربيين، فأولئك يمثلون ثروة كبرى في علم الاستغراب بما لهم من معرفة قوية وطويلة بالغرب وتشربهم لثقافته وعاداته، إذ يُعدُّون صلة الشرق بالغرب من جهة ما لهم من معرفة بالإسلام وبما لبعضهم من معرفة بالعرب بحكم النشأة والأصول، فالمسلمون الذين يعيشون في الغرب أحرى أن يُرَكَّز عليهم في صناعة مستغربين، وذلك أنهم عبروا حواجز اللغة والثقافة وما إلى ذلك، فكانوا أقرب إلى فهم وهضم الثقافة والحضارة الغربية. كما أن الشعوب المسلمة في الغرب (شعوب البلقان مثلا) تعد وسيطا متميزا لإنشاء الاستغراب وإخراج المستغربين، فإن ما لديهم من الإسلام والتاريخ يجعلهم -رغم كل ما جرى لهم من تشويه وسحق فكري- أقرب إلى تشرب الإسلام من غيرهم، كما أن نصيبهم من الغرب وحضارته يجعلهم أقرب إلى فهمها وهضمها، وقد ضربنا مثالا سابقا بعلي عزت بيجوفيتش الذي نراه نموذجا للمستغرب المنشود. ومما ينبغي التنبه إليه والاستفادة منه أن لكثير من هؤلاء المسلمين في الغرب -سواء من يقيمون دائما، أو أقاموا لفترات- إنتاجا فكريا قيِّما عن الغرب وحضارته وعن تجاربهم الشخصية أيضا[3]، وهذا الإنتاج متنوع ومتعدد الأغراض؛ منذ الغرض الدعوي المباشر -كما في إنتاج المراكز الإسلامية- وحتى الغرض الشخصي ككتابة المذكرات والرحلات السياحية. إن المراكز الإسلامية ذاتها تعد نقاطا متقدمة لاحتضان علم الاستغراب واحتضان واستضافة المستغربين، وإمدادهم بالخبرة الطويلة التي تكونت عبر نصف قرن على الأقل[4].

رابع نقاط القوة هي كثرة المبتعثين إلى الغرب من الطلاب والباحثين، فإنه ببعض الإجراءات البسيطة والحوافز المشجعة يمكن الاستفادة من طاقات هؤلاء في أن يكونوا بذورا لمستغربين، فإنهم في أول الشباب وهو ذروة النشاط وقلة الارتباط وقوة الطموح والشوق لتحقيق الإنجاز، كما أنهم مبتعثون بطبيعة الحال، فلا يكلف الأمر إلا قليلا من التفكير والترتيب وربما القليل من المال للتحفيز أو تغطية بعض التكاليف الزائدة.

خامس نقاط القوة هي ما تملكه بعض البلدان وبعض الأثرياء من القدرة المالية على تمويل بحوث وبرامج في مراكز الدراسات والمعاهد البحثية في الغرب، لا لدراستنا نحن أو لمنع تشويه صورتنا كما هو الحال فيما سبق، بل لتقديم دراسات وبحوث عن الغرب نفسه.. ويمكن اعتبار هذه خطوة أولى في دراسة الاستغراب حتى نبني وننشئ مؤسساتنا وإلى حين نضوجها، بل إن التعاون مع هذه المراكز البحثية يساعد في تدريب وتأهيل كوادرنا ومؤسساتنا البحثية وأقسامنا الجامعية المزمع إنشاؤها لدراسة الغرب.

2. الفرص:

وأما الفرص المتاحة للشروع في علم الاستغراب فأولها: ما أنتجه الغرب عن نفسه وصفا وتشريحا وتحليلا، من بحوث أو مواد صحفية أو برامج تلفازية، وذلك أن الدراسات التي كتبها الغربيون عن أنفسهم توفر لنا وقتا كبيرا في كثير من الأشياء التي ينبغي بحثها، وهي -في أسوأ الأحوال، وعلى أقل تقدير- تقدم لنا خلاصة رأي لا بد سنحتاجه في فهم وتفسير ما يحدث في الغرب وفي تفسير الغرب لنفسه. وقد صدرت في هذا الباب بحوث كثيرة قيمة لا يمكن تجاوزها في رصد ما يحدث وتوقعاتهم لما يترتب على هذا الرصد في المدى القريب والبعيد. وتزيد قيمة هذه البحوث لأن ثمة عادة أو ثقافة ترسخت لديهم في الشفافية والمصارحة البحثية، حتى إن التقارير الإدارية لعدد من الشركات الاقتصادية -والتي تنشر علنا- تكشف عن نقاط الضعف فيها وعن التهديدات المحتملة من المنافسين وعن خططها القريبة، كذلك فإن المؤسسات الدولية التي أنشئت لتوفير المعلومات أو تبادلها أو مراقبة الجودة عملت على زيادة حركة تدفق المعلومات عن الشركات والمؤسسات والمصانع، وهذا بالإضافة إلى زيادة الصحف ووسائل الإعلام وصدور العديد من الصحف والقنوات والشبكات المتخصصة في جانب بعينه. لقد أدى كل هذا إلى حركة تدفق غزيرة من المعلومات، حتى صارت هذه الغزارة من عوامل التشوش والفوضى المعلوماتية، إذ إن خلو حركة الحرية من الأخلاق ووجود مراكز قوى ونفوذ إنما يؤثر على صحة المعلومة ودقتها.

وهذا عائد -فيما أظن- في أصله إلى أمن العاقبة مع الفارق الكبير بين الغرب وبين خصومه، بسبب من هذا التخلف المزري الذي يعيشه العالم الإسلامي، مع حرص الغرب على استمرار وبقاء هذا التخلف.

ولا يعني هذا أنه ليس ثمة أسرار بل إن بحوثا كثيرة علمية تحظى بالمكان السري[5]، خصوصا ما كان منها في أسرار الصناعات أو في الجوانب الأمنية والعسكرية، لكن هذه الجوانب لا تخص البحث في علم الاستغراب، فهذا العلم إنما ينصب على فهم الغرب وحضارته، وكل هذا إنما يدور في الإطار العلني والمعلومات المبذولة المتوفرة.

وثاني هذه الفرص هي ما لدينا من تراث المتغربين أنفسهم، فما كتبه المنبهرون بالغرب -وإن كان من علامات نكبتنا الحضارية- يمكن اعتباره فرصة من حيث إنه أراد أن يعطينا صورة صادقة عن الفكر المطروح، فَنَقله عندنا وروَّجه من يؤمن به ويُجمِّله، لا من يكرهه ويعاديه فيُخشى من تأثير ذلك على طرحه، فهي صورة للفكر الغربي في أحسن صوره، وبذلك وَفَّر علينا القوم عمليات ترجمة وتتبع وتحليل واستخلاص، وبقي أن ننظر في هذا التراث نظرة الدارس الفاحص المتأمل المنطلق من أصوله الإسلامية. ولقد زاد في مظاهر النكبة -الذي نعتبره في هذا الموطن من الفرص- أن كان لكل مذهب غربي بعضٌ يمثلونه في بلادنا، فظهر لدينا أتباع الوجودية والوضعية المنطقية والشخصانية والجوانية والماركسية والديكارتية... إلخ.

وثالث هذه الفرص هي أن التراث الفكري الغربي مجموع ومخدوم، فلسنا سنعاني مجهودا كبيرا في الجمع والفهرسة والتحقيق كالذي عاناه المستشرقون في جمع التراث الإسلامي وتحويله من مُفَرَّقٍ إلى مجموع ومن مخطوط إلى مطبوع، بل إن تطور علم المكتبات وقيام مؤسسات كبرى في جمع التراث الإنساني كله قد سهل من عملية الحصول على الـمُراد بأيسر الإجراءات.

ورابع هذه الفرص هي الثورة الإعلامية، فالجالس في البلاد الإسلامية باستطاعته متابعة العديد من وسائل الإعلام الغربية، المقروءة والمسموعة والمرئية، وهذه النوافذ التي لم تكن متاحة من قبل إلا بالسفر صارت الآن متاحة بضغطة زر، فهي تمثل أبوابا واسعة لمتابعة الغرب ومجتمعاته وما يدور فيه، بل إن العربي الذي لا يجيد لغة غربية واحدة يستطيع أن يشاهد العديد من القنوات الأجنبية المترجمة، لا سيما قنوات الترفيه والأفلام، ونعم فإن هذا من ظواهر التغريب في بلادنا إلا أنها في ذات الوقت فرصة يمكن من خلالها الاطلاع على الغرب واكتناه بعض جوانبه، وسنجد كثيرا من هذه البرامج تعبر أصدق تعبير عن بعض الجوانب العميقة في الشخصية الغربية[6]، وفي الفروق بين الغربيين كذلك.

وخامس هذه الفرص هي ثورة الاتصالات التي وفرت سهولة واسعة في متابعة التفاصيل الصغيرة، حتى المدونات الشخصية وصفحات الفيس بوك وتويتر وأمثالها، ومع ذلك سهولة واسعة في إنشاء العلاقات ومتابعة أنشطة الحياة في الغرب. لقد فتح الانترنت آفاقا لم تكن تخطر على بال في انتقال المعلومات والانفتاح على كافة المجالات والتعاون بين ذوي الميول المتشابهة في تطوير وتنمية أنفسهم والتواصل مع أرباب هذه المجالات.

إنه لا يسع علم الاستغراب أن يتجاهل عالم الانترنت، بل إن مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج فرقا متخصصة لتحليل المواد المنشورة عليها، تتوفر على دراستها وقراءة اتجاهاتها واستبطان أعماقها.

إن ثورة الاتصالات هذه تصب في صالح الأضعف أكثر مما تصب في صالح الأقوى، وإن كان الأقوى هو الأكثر استفادة منها في الواقع، ويورد الباحثون أن ما حصلته الهند والصين بأثر من "سيولة المعرفة" من شأنه أن يمثل "تحديا للولايات المتحدة نفسها حتى تطور من نفسها بسرعة، وتحافظ على مكانتها في هذا الكوكب"[7]، وذلك لأن الانترنت اختصر على الدول والبشر مجهودا رهيبا في الحصول على المعلومات أو التواصل بين الأفراد والجهات لم يكن ممكنا من قبل إلا بإنفاق مالي وإمكانيات طائلة في كل المجالات.

نشر في ساسة بوست



[1] مسلم (2898).
[2] بحسب موقع "كتاب الحقائق" التابع للمخابرات الأمريكية، يبلغ عدد المسلمين في أمريكا نحو 2 مليون مسلم، وبحسب إحصائيات عديدة يتراوح عدد المسلمين في أوروبا بين 44 - 53 مليونا (بما في ذلك الأتراك في الجزء الأوروبي من تركيا).
[3] من ألطف ما يمكن أن يُضرب به المثل هنا هو كتاب د. باسم خفاجي "رهن الاعتقال" والذي سرد فيه تجربته إذ كان معتقلا في السجون الأمريكية لمدة أحد عشر شهرا، فكشف بهذا الكتاب عن بيئة لا يصل إليها الباحثون، ولئن وصلوا بعد عنت فلن يتمكنوا من التعمق في تفاصيلها كالذي عايشها، وليس المقصود بيئة المجرمين فحسب، بل طبقاتهم ومشكلاتهم ووسائل تحايلهم على القانون، وثغرات القانون، وجهاز الشرطة نفسه ونقاط التقاء المتناقضين في التهريب والمصالح المتبادلة ونحو ذلك.
[4] ليس يخفى على كاتب هذه السطور ما يعانيه المسلمون في الغرب من مشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية، مما يبدو للوهلة الأولى وكأن ما يُقال هنا من قبيل الأحلام، لكن كل هذا لا يعيق الاستفادة من هذا العدد الكبير من المسلمين الذين يعيشون في الغرب، بل قد يكون مشروع الاستفادة منهم هذا هو ذاته بعض الحل لمشكلاتهم تلك.
[5] ذكر د. مازن مطبقاني في ورقة بحثية عن "قضايا الدراسات العربية الإسلامية في الغرب" أنه زار باحثا أمريكيا يعمل في مؤسسة راند بكاليفورنيا، وعرف أنه قام ببحث حول الأوضاع الأمنية في السعودية، واعترف له الباحث بأن بحثه سري. انظر ص8.
[6] يكاد يكون البرنامج الترفيهي الأمريكي "كل شيء مقابل المال" هو أصدق تعبير عن المادية في أقوى صورها، وهو من نوع برامج "الكاميرا الخفية" وتعتمد فكرته على طلب شيء في غاية السخافة أو الإحراج أو الإهانة من أحدهم، فيرفض بلا تردد، ثم يظل المذيع يفاوض ويعرض سعرا أعلى لما يطلب حتى يصل إلى النقطة التي يُستجاب له فيها، وما أقواه من مشهد!
[7] تقرير التنمية الإنسانية العربية – 2009، ص13.

الثلاثاء، مايو 24، 2016

كيف تعامل "العدالة والتنمية" مع الوضع الدولي عند تأسيسه

وصل بنا الحديث عن موجز تاريخ السياسة التركية –في سلسلة المقالات الماضية- إلى مرحلة حزب العدالة والتنمية، فتناولنا قصة المؤسس، وفريق المؤسسين، والخلاف مع زعيمهم أربكان، والرؤية الفكرية، وتحديات التأسيس.. وفي هذا المقال نواصل استعراض التحديات التي قابلت حزب العدالة والتنمية أول أمره، وقد بقي منها تحديان؛ الأول: القاعدة الشعبية التي استند إليها الحزب، والثاني: تسويق نفسه في المناخ الإقليمي والدولي عند لحظة تأسيسه.

القاعدة الشعبية

صنع الحزب قاعدته الشعبية بالاستناد إلى شبكتيْن مهمتيْن:

الأولى: الطريقة النقشبندية وهي أوسع وأقوى الطرق الصوفية في تركيا ولها علاقات بالسياسيين منذ أوزال وحتى أردوغان[1]، وكانت تمثل القاعدة والمدد الشعبي الدائم لكل الأحزاب الإسلامية[2].

والثانية: هي جماعة الخدمة بزعامة فتح الله كولن وهي تنظيم دعوي يشبه في وجهه المعلن جماعات الدعوة والتبليغ في العالم الإسلامي التي لا تهتم بالسياسة غير أنها تفوقت عليها بشبكات إعلامية وتعليمية قوية وواسعة داخل وخارج تركيا وبأعضاء نافذين في كافة مؤسسات الدولة التركية، وهي تجديد لحركة سعيد النورسي انبعثت في مناخ الازدهار الإسلامي في السبعينات ونمت نموا كبيرا في الثمانينات حيث كان مناخ النظام العلماني يسمح بذلك لمواجهة اليسار والشيوعية، ثم انطلقت في التسعينات مع انهيار الاتحاد السوفيتي وانفتاح الساحات الآسيوية والبلقانية والعربية أمام المدّ الدعوي، وحيث عمَّ الفساد وضعفت قوة القانون كانت جماعة كولن تقدم مناخا اقتصاديا قائما على الثقة والالتزام مما مكَّنَها من بناء دوائر ومؤسسات اقتصادية يثق فيها المتعاملون معها[3]، إلا أنها عملت بشكل براجماتي تماما في اختراقها لمؤسسات الدولة إذ لم يكن لديها بأس في أن تنزع أي صفة أو مظهر إسلامي عمن يتبعها في جهاز الدولة.
تحديات الوضع الإقليمي والدولي

لم تكن الخطابات ولا البرامج ذات تأثير -بطبيعة الحال- على فرقاء الداخل أو الخارج، وإنما ظلت ردود الأفعال كما هو المتوقع:

فأما داخل التيار الإسلامي، فلقد كانت التهمة الأبرز للحزب هو خروجهم عن الزعيم الإسلامي الكبير نجم الدين أربكان، وسعيهم في شق الصف الإسلامي وتمزيقه، ويجيب عبد الله جل: "لو كنا نحن السبب في انقسام الأعضاء وتناحرهم وفي حمل هذا التناحر إلى المستقبل، فهل كنا لنجازف بتحمل المسؤولية على هذا النحو؟ وهل يستحق الأمر هذا؟ إننا لو بقينا بلا أي رد فعل تجاه أخطاء قائمة بدافع الخوف من تحمل المسؤولية لكان ذلك سيجعلنا في المستقبل أمام مسؤولية أكبر وعناء أكثر"[4]. واتُّهِمُوا كذلك بأنهم تحولوا إلى نسخة علمانية إذ "باعوا تركيا للغرب وطرحوا أنفسهم كنموذج الإسلام المُعَدَّل الذي تريده أمريكا وصاروا اللاعب الرئيسي في موجة الليبرالية الجديدة، وأنهم على الحقيقة ثمرة من ثمرات انقلاب (1997م)[5] في كسر التيار الإسلامي وتطويعه. وأمام هذه التهمة قال عبد الله غل: "إلى أي مدى كان مفهوم هذه السياسة التي انغلقت لها ثلاثة أحزاب على مدار ثلاثين عاما سيستمر؟ هذه السياسة التي لم تحصل أبدا على أي دعم انتظرته من الشعب، والتي لم تستطع أيضا قراءة الاتجاه العام العالمي، وبالمناسبة لم تنجح في نقل ذلك إلى تركيا"[6].

وأما بالنسبة للدولة العميقة وغلافها المدني من الأحزاب السياسية فلم تر في حزب العدالة والتنمية "إلا ذئبا في فروة الأغنام، إذ ينتهج نفس نهج الإسلام الراديكالي تحت قناع الإخلاص للسياسة الأوروبية"[7].

لكن الموقف الأهم من كل هذا هو الموقف الدولي، فلقد كان النظام العالمي الجديد –نظام القطب الواحد المتكون بعد انهيار الاتحاد السوفيتي- يعيش في ذلك الوقت أعظم لحظات قوته وشراسته أيضا بعد أحداث سبتمبر 2011 وانطلاق الجيوش الأمريكية لتغيير الأنظمة بالقوة المسلحة، كما أن الهيمنة الغربية على السياسة التركية قديمٌ قِدَم عُمْر الجمهورية نفسها، وليس بوسع سياسي إلا أن يجد طريقه للتعامل معها.

ولقد زاد من صعوبة الموقف تلك اللحظة الزمنية التي وُلِد فيها الحزب، فلقد كانت شديدة التعقيد؛ فأبرز أحداثها: الانتفاضة الفلسطينية (28 سبتمبر 2000م) التي استمرت لخمس سنوات على الأقل وما تطرحه من سجال الانتماء الإسلامي للحزب في مقابل العلاقة التركية المتينة مع إسرائيل، ثم أحداث (11 سبتمبر 2001م) وما طرحته من تداعيات الحرب على الإرهاب "الإسلامي" وما أسفرت عنه من حروب كالحرب على أفغانستان (أكتوبر 2001م) وكَوْن تركيا عضوا في حلف الناتو، والحرب على العراق (مارس 2003م) المجاور لتركيا مع تأثيراته الواسعة على تركيا وملف الأكراد. وكان يُنتَظَر من الحزب أن يقدم في كل هذه الملفات مواقف عملية تحظى بالرضا الغربي أولا، ثم تفسير هذه المواقف وترويجها شعبيا أمام جمهور "إسلامي" وقوى داخلية "علمانية".

قام الحزب بجولات خارجية في مساريْن: المسار الاقتصادي المسؤول عنه باباجان والذي سبقت الإشارة إليه، والمسار السياسي الذي تولاه أردوغان حيث قام بسبع عشرة رحلة خارجية شملت الدول الأربعة عشر أعضاء الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى أمريكا وروسيا والصين، بالإضافة لزيارة أخرى لكازاخستان من دول آسيا الوسطى[8] وهي زيارة تؤشر إلى اهتمام مبكر بالعمق التركي مع امتداداته العرقية. وكانت الزيارات بغرض التسويق السياسي للحزب الذي يوشك على إمساك السلطة أو أمسكها بالفعل، وتقديم مواقف في هذه القضايا، ومن البديهي أن يكون الحزب الجديد الناشئ هو الطرف الأضعف.

لا نحسب أنه بالإمكان الآن الحصول على معلومات بشأن ما دار في هذه اللقاءات، إلا أن المواقف المعلنة كانت السير بتؤدة وتمهل وبغير تغيير في السياسة الخارجية، فبرغم الانتفاضة لم يبادر إلى إلغاء العلاقة مع إسرائيل ولا إلى دعم المقاومة الفلسطينية وإنما حاول –بعد سنوات- الدخول في الملف كوسيط، واستمرت القوات التركية في مهمتها كعضو للناتو في أفغانستان، وخرج من مأزق العراق بحل وسط هو السماح باستخدام قاعدة إنجلريك دون استخدام الأراضي التركية في الحرب على العراق[9]، وظل موقفه من الملف الكردي كما هو ملف الدولة الكمالية ولكن بنكهة أوزال[10]. وأيا ما كان الخلاف على تفسير هذه المواقف وتقييمها، فالثابت أن الحزب قد قدَّم نفسه كنموذج لإسلام "معتدل" (أو: ديمقراطية محافظة) يمكنه الالتقاء مع مصالح الغرب وأهدافه، فيوفر بديلا أفضل لديكتاتورية تنتج "الإرهاب" أو لديمقراطية تأتي بالإسلاميين "المتشددين"، وكان يُنتظر منه إثبات هذا بالمواقف بعد تقديمها كوعود وضمانات.

ولقد ظلَّ الحزب محلَّ اختبار ومحلَّ شكٍّ غربيًّا لسنوات طوال[11]، إلا أن القراءة العامة لسياسة الحزب تكشف أنه استهدف تحويل كل تهديد إلى فرصة؛ فمن ذلك:

1. أنه استثمر حالة ما بعد 11 سبتمبر ليقدَّم نفسه بوصفه الإسلام المعتدل الذي ينافي التطرف والإرهاب والذي يمكن التلاقي معه بشأن قيم الديمقراطية والحريات وعلمانية الدولة والليبرالية الاقتصادية ومن ثمَّ يجب دعمه وإسناده للتقليل من حالة التطرف ولإثبات أن الغرب لا يعادي الإسلام كدين أو المسلمين كأمة[12].

2. أنه استثمر الرغبة القديمة المقيمة للسياسة التركية في الانضمام للاتحاد الأوروبي للقيام بإصلاحات هيكلية في مجال الحقوق والحريات التي تتيح فرصة أوسع لرفع المظالم عن الأكراد والأقليات من ناحية[13]، ومن ناحية أخرى تدعم تقليم أظافر "الدولة العميقة" وفي القلب منها: العسكر التركي[14]، ونقد روايتهم ورؤيتهم للهوية والتاريخ التركي[15].

3. أنه استثمر الرفض الغربي في الانضمام للاتحاد الأوروبي في فتح آفاق نفوذ وتأثير واسعة مع دول الشرق الآسيوي والشرق الأوسط، مما يساهم في الابتعاد التدريجي التركي عن "الهوية الغربية"[16]، كما يساهم في إنشاء خرائط سياسية جديدة تنكمش فيها القوة الأوروبية والأمريكية[17].

وهكذا لم يبق أمام الحزب إلا خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو الأمر الذي ستساعده فيه الظروف بما لم يكن يتوقع، وهو ما نعرض له في المقال القادم إن شاء الله تعالى.

نشر في تركيا بوست



[1] Rabasa, Larrabee: The Rise of Political Islam, p. 13.
[2] Rabasa, Larrabee: The Rise of Political Islam, p. 14; Binnaz Toprak: The Religious Right, p. 638.
[3] كِرِم أوكْتِم: الأمة الغاضبة ص197.
[4] بسلي وأوزباي: قصة زعيم ص297.
[5] كِرِم أوكْتِم: الأمة الغاضبة ص195 (تصريح لمحمد بكر أوغلو من حزب السعادة بتاريخ 13 يوليو 2009م)؛ Kenan Çayır: The emergence of Turkey’s contemporary ‘Muslim democrats’, in: Ümit Cizer: “Secular and Islamic Politics in Turkey”, p. 63.
[6] برنامج تحت المجهر: "العثمانيون الجدد"، قناة الجزيرة، بتاريخ 26 يوليو 2007
[7] كِرِم أوكْتِم: الأمة الغاضبة ص196.
[8] بسلي وأوزباي: قصة زعيم ص389، 394.
[9] Cemal Karakas: Turkey, Islam and Laicism, p. 31.
[10] لئن كانت الأيام قد كشفت كثيرا من توجهات حزب العدالة والتنمية على هذه الملفات، إلا أننا الآن نسوق المواقف كما كانت في بدايتها عند تلك اللحظة.
[11] Rabasa, Larrabee: The Rise of Political Islam, p. iii, xiii, 1, 3, 4, 31; Lesser: Turkey: “Recessed” Islamic Politics, p. 175.
[12] Paul Wolfowitz: Fifth Annual Turgut Ozal Memorial (Lecture, March 13, 2002, Link)  Ömer Taspinar: Turkey’s Middle East Policies, p. 14; Ümit Cizer: The Justice and Development Party, p. 7.
[13] كِرِم أوكْتِم: الأمة الغاضبة ص192، 205، 212 وما بعدها؛ Aydin, Çakır: Political Islam in Turkey, p. 3.
[14] Rabasa, Larrabee: The Rise of Political Islam, p. xv, 2, 47; Lesser: Turkey: “Recessed” Islamic Politics, p. 175; Ömer Taspinar: Turkey’s Middle East Policies, p. 13.
[15] كِرِم أوكْتِم: الأمة الغاضبة ص217.
[16] Rabasa, Larrabee: The Rise of Political Islam, p. xiv.
[17] كِرِم أوكْتِم: الأمة الغاضبة ص257.